على ناصية حلم
رمضانيات - 1
فراشة صغيرة تهف في قلب الأمازون تحدث إعصارا في الكاريبي؛ هذا ما تقوله فرضيات الفيزياء في ديناميكية الهواء. وموجة صغيرة من قاع المحيط تتصاعد وتحدث موجا ماردا على سطحه، هذا ما أثبتته ديناميكية الماء.
ومبادرة صغيرة في مقهى في شارع العدلية بالمنامة تعبر طاولة، وتتعدى الجزيرة الصغيرة، وتكبر لتصل أرجاء السعودية، ثم تكبر وتتجاوب في الوطن العربي.
ما حدث لوسم #على_ناصية_حلم، يثبت ديناميكية أخرى، إيجابية الموجة الصغيرة من قاع المحيط، وما صار للجناحين الصغيرين لفراشة الأدغال.
في ذلك المقهى الذي يحب أن يقضي فيه شقيقي محمد وقتا من حين إلى آخر للقراءة والتأمل، خرجت أفكاره الإنسانية الصغيرة التي كبرت عبر الشبكات الاجتماعية، وبينما يحرص ناس على نشر السلبية في الشبكات الاجتماعية حتى ظننا أن اليتيمة الإيجابية ضاعت على مائدة اللئام.. يحدث ما أؤمن بأن الصلابة الرخامية التحتية للنفس البشرية هي الطيبة. وأن كل شر، وما يتكاثر على السطح الرخامي من سوء يهب من ريح السموم السلبية يشكل سطحا غباريا مؤقتا ما أن تنفخ فيه نسائم الإيجابية حتى يعود الرخام صقيلا من جديد.
وهذا ما يؤمن به محمد، ليس فقط الإيمان الذي تبحث عنه وتتشبث به فقط، وإنما من عفويته وطيبته ووعيه الإنساني التي جعلت صلابة الرخام الإيجابي الإنساني لديه لا تصلها هبات السلبية، فتخرج منه الأفكار البناءة الإنسانية تتلى الواحدة وراء الأخرى.
لم يكن مع محمد فريق عمل، ولا مخططون، ولا جلسات عصف فكرية.. إنها من عفو الخاطر، وما أجمل هذه الجملة العربية وتركيبها وبنائها المعنوي والحسي والسمعي، فريدة بين اللغات الأخرى. "عفو الخاطر" هو ما يفيض من النفس الإنسانية ويصب في العقل فيخرج سائغا حرا طليقا من مصنع الأفكار.. العقل.
في جوه الإنساني خطر لمحمد- وأنظر أني أقول خطر، ولم أقل أنه فكر.. أن يضع وسما عنوانه: "على ناصية حلم" وقصد فيه أن يعبر متابعوه على حسابه في "تويتر" عن أحلامهم. فالتعبير عن الحلم أمر جميل ويزيح ثقلا عن النفس البشرية، خصوصا لما يعلم صاحبه أنها طلبت منه ولم يتقدم هو ليخبر الناس بها. أحلام صغيرة، أحلام لم تكن ممكنة أو سهلة أن يقوم بها فردٌ بنفسه، ليأتي فرد آخر يملك قدرة تحقيق حلم ذاك الشخص.. ووجد محمد شيئا آخر؛ هو أن بعض أحلام الناس هو أن يتمكنوا من تحقيق أحلام آخرين. وهذا الأمر مفاجئ، فالطيبة أو الإيجابية تفاجئك في روائع أعماقها، بينما السلبية تفجعك بمباغتات فجاجاتها.
أصبحت تصل لمحمد الأحلام الصغيرة والكبيرة من كل مكان. من السعودية والبحرين والأردن ومصر متمددة للخليج والبقية تأتي كل يوم. والقصص المسجلة في هذه المدة القصيرة، أكثرها حرك قلوبنا، وداعب دموع مآقينا فرحا بقوة الإيجابية لدى الأفراد.
جنديٌ على الحد الجنوبي عوضا عن أن ينام ويرتاح في إجازته القصيرة يقود سيارته الصغيرة المتداعية ويقطع عشرات الأميال كي يحقق حلما لفريق فتيات يبحثن عن مظلة جمعية، ولا يهدأ حتى يصل للجمعية ويهاتف محمد ويعطيه رقم من تواصل معهم في الجمعية. وفتاة حلمها أن توزع لفقراء معدمين سلال غذاء، وتقول له: أنا والحمد لله من عائلة مكتفية من عشرة أنفس ودخلنا الشهري 1900 ريال!
أما "في الغامدي" الفتاة الصغيرة فدخلت مع محمد تستقبل أحلام عشرات الفتيات وتسهم في تحقيقها لهن، ومحام في جدة قدم خدماته ودون شروط. ثم صار معه عشرات يساعدونه في انتشار المبادرة وتحقيق أحلام الآخرين.
نسيت أن أقول لكم إن الرقم له بعد خفي هو قوة التأثير. فمتابعو محمد في "تويتر" لم يصلوا سقف الألفين!
إيجابية شاهقة أخرى..