رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


اللجان شبه القضائية .. تحد جديد

خلال السنوات الثلاث الماضية عاشت وزارة العدل صراعا كبيرا مع متطلبات التغيير أستطيع القول إنها انتصرت على جملة من المعوقات لتمضي في تحقيق رؤيتها الخاصة بإعادة هيكلة المؤسسات العدلية بالكامل. وكان مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء نقلة فارقة بعد إن تم إنجاز مرحلة كبيرة من المشروع تمثلت في منظومة المحاكم المتخصصة ومنظومة محاكم الاستئناف والمحكمة العليا باختصاصاتها وما زال الطريق طويلا في تفعيل كثير من المبادئ العدلية وتحسين جودة الخدمة، واختصار الإجراءات، وتقليص مواعيد التقاضي وغيرها من المتطلبات.
لكن ما يهمني في هذا المقال أن عمليات الهيكلة الكبيرة التي قامت بها وزارة العدل لتفعيل القضاء المتخصص من خلال المحاكم الإدارية والتجارية ومحاكم الأحوال الشخصية والجزائية والعمالية ومحاكم التنفيذ، مازالت غير مكتملة في ظل وجود معضلة كبيرة تتمثل في ما يسمى "اللجان شبه القضائية" وهذه اللجان تأسست في مراحل مختلفة من قيام الدولة وكانت الضرورة تحتم الإسراع في إنشائها باعتبار أن المحاكم لم تكن جاهزة آنذاك لمثل هذا النوع من القضايا. ومع مرور الوقت تكاثرت هذه اللجان وتشعبت وتنوعت وأصبحت بمثابة مؤسسة عدلية مستقلة لكنها لا تخضع لنظام موحد، أو قواعد خاصة بها من حيث تشكيلها واختصاصاتها والعقوبات المقررة لها ومدى جواز التظلم من قراراتها، والإحصاءات تقول إن هذه اللجان وصل عددها إلى 114 لجنة شبة قضائية موزعة على الوزارات والهيئات حسب الاختصاصات ومنها على سبيل المثال، لجنة النظر في مخالفات الإعلام والنشر، وهيئة القضايا العمالية، ولجنة المخالفات المرورية، ولجنة النظر في مخالفات الأحوال المدنية، اللجان الجمركية، لجنة المخالفات التجارية، لجنة مخالفة المنافسات، اللجان الصحية الشرعية، لجان الفصل في الأوراق والسندات المالية، لجنة مخالفات الآثار، لجنة مخالفات الحماية الفطرية، ولجان أخرى لا يكفي المقال لذكرها.
وقد نص نظام مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء فيما يختص باللجان شبه القضائية وما في حكمها على قيام المجلس الأعلى للقضاء بعد مباشرته مهماته بإجراء دراسة شاملة لوضع هذه اللجان لاستكمال الإجراءات النظامية.
لنقلها إلى القضاء العام بعد تعديل نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزئية وصدور نظام المرافعات أمام ديوان المظالم وتتولى اللجنة المشكلة في هيئة الخبراء خلال مدة لا تتجاوز سنة من تاريخ نفاذ نظام القضاء مراجعة الأنظمة التي تأثرت بذلك واقتراح تعديلها وفقا للإجراءات النظامية اللازمة لذلك، كما تتولى دراسة وضع اللجان شبه القضائية التي تنظر في منازعات إدارية وتكون قراراتها قابلة للتظلم أمام ديوان المظالم واقتراح ما تراه في شأنها.
وهذا الأمر يضع وزارة العدل أمام تحد جديد لدمج هذه اللجان في منظومة المؤسسات العدلية القائمة وبالتالي توحيد الأنظمة والمرجعيات القضائية تحت مظلة وزارة العدل فلا يليق بعد كل هذه الجهود إن تبقى هذه اللجان تغرد خارج سرب القضاء العدلي الذي يمثل هيبة الدولة ويشعر الجميع بالاطمئنان لعدالة القضية، لكن السؤال الأهم ماذا عن خطط وزارة العدل لحل معضلة هذه اللجان؟ وما هي خريطة الطريق التي ستتبعها؟ وما هو البرنامج الزمني لإعادة اللجان شبه القضائية إلى طريق العدالة الناجز الذي يتماشى مع رؤية 2030؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي