انتخابات الغرف .. والصوت الواحد
في مقر انتخابات مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في الرياض شعرت بالسعادة؛ لأن هذه التجربة الحضارية قد نضجت على مر السنوات، بل أصبحت سعودية الهوية، فجميع من يديرها ويشرف عليها من الشباب السعودي المتمكن من التقنية الحديثة التي ستبعد أي احتمال للخطأ غير المقصود، أو التلاعب المتعمد، كما يحصل في الانتخابات المماثلة لأي غرض من الأغراض ومنها الانتخابات البلدية في دول عديدة، ما يدخل السياسة والأحزاب طرفا فيها، ويجعلها تجري على وقع صيحات العراك وتبادل الاتهامات.. أما الانتخابات لدينا فتجري في جو ودي يقوم على تقديم القهوة والتمر من الجميع لكل ناخب دون معرفة الاسم الذي سيصوت له.. ولقد مازحت أحدهم حينما قدم لي التمر قبل التصويت أن ذلك غير مناسب لأن قبوله يعني قبول "رشوة"، فيما يصبح بعد التصويت ضيافة وكرامة لا شبهة حولها.. وعودة إلى مناقشة موضوع الصوت الواحد الذي تقرر تطبيقه منذ الدورة الماضية لانتخابات الغرف التجارية الصناعية ويدور حوله جدل بين مؤيد ومعارض، لأقول إن لكل من الفريقين مبرراته المقبولة، فالمؤيد للصوت الواحد يقول إن من يصوت لمرشح واحد فقط يجعله يختاره بعناية وعن معرفة بمقدرته الشخصية، وغالبا ما يكون من الشباب المؤهل في مختلف التخصصات، ما يضمن دخول العناصر التي تم اختيارها لذاتها، وليس لأنها ضمن مجموعة حملتها كمية الأصوات التي جاءت عن طريق شخص قوي ومؤثر في المجموعة.. أما المؤيد للمجموعات فيقول إن صاحب الأصوات يوزعها على مجموعة متجانسة حتى لو لم تمكن من مجموعة واحدة ويراعي أن تضم أصحاب الخبرة والمؤهلات من الكهول والشباب.. وهذا ما درجت عليه الغرف في الدورات السابقة.. أما النقد الموجه للصوت الواحد فإنه قد يأتي بمجموعة غير متجانسة مما لا يؤمن الحد الأدنى من الانسجام بين أعضاء المجلس والنقطة نفسها تصلح أن تكون نقدا لنظام المجموعات فتطغى روح المجاملة التي قد لا توفر جو الصراحة والوضوح في مناقشات المجلس.. والمؤمل من الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار انطلاقا من كونه صاحب خبرة في مجال الغرفة التجارية، وفي قطاع الأعمال بصورة عامة إعادة النظر في قرار الصوت الواحد ولإيجاد حل وسط لهذا الموضوع أقترح أن يسمح لصاحب الحق في التصويت بأن يصوت لثلاثة مرشحين، بحيث يختار من التجار واحدا ومن الصناعيين مرشحا والثالث من أصحاب المهن كالمحامين والمحاسبين، وبذلك نضمن مجالس تضم مختلف التخصصات لخدمة قطاع الأعمال بشكل أفضل.
وأخيرا: سواء كان الانتخاب بنظام الصوت الواحد أو عدة أصوات فإن التجربة في حد ذاتها مشرفة والإقبال عليها مشجع على اتخاذ خطوة متوقعة بأن تكون المجالس بكامل عددها بالانتخاب.. كما يؤمل أن يعود الانتخاب في مواقع أخرى خاصة المجالس والأقسام العلمية في الجامعات السعودية، حيث تتوافر الكفاءات التي تصقلها تجربة الانتخاب وتعدها لمجلس الشورى وللمجالس البلدية ولخدمة المجتمع على نطاق أعم وأشمل خارج أسوار الجامعات.