رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


يارا .. بأي ذنب قتلت؟

الطفلة يارا القحطاني (8 سنوات) كانت ضحية خلافات بين زوجين مطلقين، تولت الأم رعاية يارا لحين بلوغها سن السابعة، ولكن والدها رفض أن تعيش معها، فانتقلت إلى العيش معه في مقر إقامته بالرياض، مع أن يارا لم تكن ترغب في الانتقال للعيش مع أبيها، ما عرضها للعنف والتعنيف المتكرر من والدها "المجرم"، فضربها ضربا مبرحا بالأنبوب الذي يوصل بجهاز المكيف، ثم زاد عليها بـ"خيزرانة" غليظة، وكانت الضربة القاضية على رأسها بذلك الأنبوب الذي أودى بحياتها. ومن أغرب الغرائب أن سبب هذا العنف هو تلفظ الطفلة يارا البريئة على والدها بقولها: إنها لا تحبه بسبب نقلها بعيدا عن أمها، ما أثار ثائرته، فضربها ضربا مبرحا، ثم حبسها في غرفة مظلمة؛ وتسبب ذلك العنف غير المبرر في دخولها في نوبة بكاء عنيفة، وتوفيت يارا في طريقها للمستشفى، ولكن بأي ذنب قتلت؟!
بالتأكيد يتحمل الأب المجرم دم الطفلة يارا، فمن واجباته الشرعية المفروضة عليه؛ إما أن يقوم برعايتها لتعيش حياة كريمة معه إما أن يتركها لتعيش مع والدتها التي ترغب – هي أصلا - في العيش معها، ولكنه لم يراع غريزة محبتها (الفطرية) لوالدتها، ولم يحترم طفولتها، وفوق ذلك لم يراقب الله في تصرفاته الحمقاء، هذه التصرفات التي كان يظن بعضهم أنها تحدث – فقط - في بلاد غير المسلمين، ولكنها أصبحت تتكرر على صفحات الصحف اليومية ومواقع التواصل الاجتماعي، ما يدل على ضعف الوازع الديني، وغياب الضمير الانساني لدى بعض أولياء أمور الأطفال، وربما عدم فاعلية الجهات المسؤولة في تقييم المسائل قبل المضي في منح حق "الوالدية" ورعاية الأطفال.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة هو: هل هناك أطراف تتحمل المسؤولية إلى جانب الأب الظالم؟! في حادثة مؤلمة حدثت في الرياض قبل سنوات، أجبرت زوجة أن تشتري حريتها بطلب الطلاق والخروج من قفص زوجية دام ثلاث أو أربع سنوات، بعدما أجبرت بإعادة المهر الذي لم تتسلمه (هي) في الأساس، بل قام أقاربها بإنفاقه على حفل الزواج وتوابعه، هذا الوضع جعلها تقبل بعمل أو وظيفة دون طموحها لتسديد المهر بالتقسيط. أليس من المنطقي أن يُنظر في وضعها النفسي والمالي قبل إجبارها على إعادة المهر بالتقسيط؟!
وفي حالة يارا، أليس من الإنسانية تقييم الوضع المناسب والبيئة الأفضل لتنشئتها وتربيتها في بيئة كريمة، تساعد على استمتاعها بطفولتها؟ أعتقد أن على القاضي الذي ينظر في أحقية رعاية الأطفال أن ينظر بعين واسعة وفاحصة لكل الأبعاد والمسائل والأخطار، ومن ثم يتخذ الحكم الذي يصب في مصلحة الطفل سواء بمنح حق الرعاية للأب أو الأم.
وامتدادا لما طرحته في مقال سابق، أكرر الحاجة إلى تأسيس "الجمعية السعودية لمكافحة العنف ضد الأطفال"، لتوعية المجتمع بخطورة العنف ضد الأطفال، وإجراء الدراسات التي ترصد معدلات انتشاره وأسبابه والعوامل المؤثرة فيه، إلى جانب اقتراح الأنظمة والبرامج الكفيلة بحماية الأطفال ضد العنف الأسري وغير الأسري، خاصة أن «رؤية المملكة 2030» تدعم العمل الاجتماعي غير الربحي من كل النواحي، وتعمل على تسهيل تأسيس منظمات غير ربحية ... وتوسيع نطاق عمل القطاع غير الربحي، وتمكين المؤسسات والجمعيات غير الربحية من استقطاب أفضل الكفاءات القادرة على نقل المعرفة وتطبيق أفضل الممارسات الإدارية، كما تعمل على أن يكون للقطاع غير الربحي فاعلية أكبر في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والأبحاث والبرامج الاجتماعية والفعاليات الثقافية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي