رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لننصف المعلمين

نعتقد أن مهنة التعليم من أسهل المهن على وجه الأرض، ونغبط المعلمين والمعلمات، فهم أول من يخرج من العمل وقبل كل موظفي الدولة وينعمون بـ"القيلولة" التي يحرم منها أقرانهم في الجهات الحكومية الأخرى، والأكثر حسدا أو غبطة هي تلك الإجازة الطويلة التي ينعمون بها كل عام.
هذا تصور كل من هو بعيد عن المدرسة، ولكن في داخلها أمرا آخرا مختلفا عما نراه ونعتقده، فالتعامل مع الأطفال والمراهقين مرهق ذهنيا ومتعب بدنيا وفي كثير من الأحيان يعد أمرا لا يطاق، وكل ولي أمر طالب من المثاليين الذين يرتادون المدارس للسؤال عن أبنائهم يدرك ذلك جيدا.
الآباء والأمهات عندما يسعون إلى مراجعة دروس أبنائهم في المنزل لا بد أن يستخدموا العنف عند انقضاء أول نصف ساعة من المذاكرة، وربما تنتهي تلك المغامرة بـ"صفق" الابن أو الابنة بالكتاب على جبينه من فرط "الزهق" ورفع الضغط، فما بالكم بالمعلم الذي يشرح الدرس لأكثر من 35 طالبا طوال ست ساعات متواصلة ومع ذلك يكون في قمة هدوئه وصبره وتحمله للجميع سواء الطالب قليل الاستيعاب أو المشاغب الذي لا يرغب في الاستماع، ونادرا ما يصدر منهم أي عنف تجاه هؤلاء الطلاب.
قبل سنوات وعند انضمام ابني البكر للمدرسة، كنت أتردد عليها للسؤال عنه، وكان أول ما يقابلني عند دخولي مع باب المدرسة تلك الضوضاء المزعجة التي لا تهدأ ولا تقول وداعا إلا عند صافرة الانصراف، وكنت أتساءل عن تلك القدرة التي يمتلكها هؤلاء المعلمون في استيعاب هذه الضوضاء، وكيف لهم ضبط أنفسهم أمام هذا الكم الهائل من المشاغبين المزعجين وكيف يستطيعون شرح دروسهم أمام تلك التجاوزات؟
لا أجد سببا واحدا يدفع وزارة التعليم إلى إجبار المعلمين والمعلمات بالدوام الرسمي بعد انتهاء الطلاب من الاختبارات، ولا أجد ما يبرر حضورهم للمدرسة من أجل التوقيع والمكوث فيها خلال ساعات الدوام الرسمي والطلاب في منازلهم، فمهنتهم مرتبطة بوجود الطلاب وإجبارهم على الحضور ما هو إلا استفزاز واستقصاد غير مبرر، خاصة أن منهم من يقطع مئات الكيلومترات من أجل التوقيع فقط.
يجب أن يكون لهم نصيب كنصيب الطلاب في الإجازة، فما يبذلونه من جهد وتعب طوال العام الدراسي الشاق يتطلب إجازة طويلة يريحون فيها البدن والذهن، ويستعيدون بها نشاطهم، لا بد أن تعيد الوزارة النظر في إجازات المعلمين والمعلمات وأن تربطها بالعام الدراسي فقط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي