الخبرة أم الشهادة؟

عندما يواجه أي مسؤول مثل هذه المعادلة الصعبة فلا تتوقع أن تحصل على الإجابة المفيدة الشافية. الخبرة تختلف بين مجال ومجال، وتخصص وتخصص. كما أنها تعتمد على مواقع العمل التي اكتسب فيها الشخص الخبرة من ناحية التكوين وطبيعة العمل والسمعة. الخبرة مؤشر مهم على ما يمكن توقعه في المستقبل من الموظف.
توضح الخبرة عديدا من الأمور النفسية والاجتماعية عندما تكون معلوماتها دقيقة. المهم أن أكثر الأمور التي يقرأها مسؤول التوظيف في السيرة الذاتية للمتقدم تعتمد بدرجة كبيرة على المصداقية التي يعتمدها كاتب السيرة في عالم فيه من التطور في احترافية نسخ المعلومات الكم الهائل. لا بد أن تهتم الإدارة بفحص المعلومة والتأكد منها.
نحتاج هنا إلى قدرة عالية على التحقق من دقة المعلومات ومراجعة كل ما تحويه السيرة الذاتية لأي متقدم بطريقة منظمة، ولا يغني كل هذا عن المقابلات التي إن نفذت بشكل علمي، تحقق الكثير من الفوائد للمنشأة قبل أن تتورط بأشخاص يبدون رائعين على الورق لكنهم يفتقدون أمورا مهمة عندما يتعلق الأمر بالعمل والتعامل.
هنا يبرز دور علم النفس الصناعي حيث يمكن التعرف على المزايا الوظيفية والقدرات الذاتية بسرعة، والحصول على معلومات مهمة من خلال أسئلة غير مباشرة تختبر دقة المعلومات الواردة عن الشخص، ما يسمح للقطاع بالحصول على أفضل المتقدمين.
هذه المهارة ليست محصورة في متخصصي علم النفس وإنما يتميز بها بعض المتمرسين في المجال بناء على تعاملهم مع نوعيات متفاوتة من الموظفين، وقدرتهم على تمحيص المعلومة والوصول للحقائق بوسائل - المواجهة أهمها.
ما يسميه العرب الحدس، أو الفراسة هي قدرات يجمعها الفرد من خلال تعامله مع الفئات المختلفة من الناس، وتجميع هذه المعلومات على مدى سنوات يمنح الرجل القدرة على كشف ما لا يكشفه الآخرون، بملاحظة ما لا يلاحظونه في سلوك وأسلوب حديث المتقدم، وهؤلاء غالبا يفكرون خارج الأطر التي تفرضها عليهم مجتمعاتهم وأساليب حياتهم.
عايشت عددا محدودا من هؤلاء، وأزعم أنهم عملة نادرة إن توافرت لمسؤولي الموارد البشرية فهم خير عون للمنظومة عند اختيار موظفيها للمراكز الوظيفية المتاحة، أو قبول آخرين لينضموا للفريق بما يحفظ تماسكه وتفاهم أعضائه، وهذه بحد ذاتها خبرة مهمة.. غدا أتحدث عن الشهادة.