رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الهيئة الاقتصادية .. وقود لحراك خليجي يستوعب المفاجآت

جاء الإعلان عن هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية لدول مجلس التعاون الخليجي في الوقت المناسب بالفعل. كما أنها تحمل "عوائدها" مع إعلانها، بفعل مستواها الرفيع. وهذا يعني أنها ستكون فاعلة، والأهم ملبية لتوجهات قادة الخليج العربي، في تذليل العقبات أمام العمل الخليجي المشترك، ولا سيما فيما يختص بالجانب التكاملي على الصعيد الاقتصادي. هناك مشاريع عديدة لتمكين التعاون باتجاه التكامل تسير بصورة بطيئة، ما انعكس سلبا على المصلحة المشتركة لكل البلدان في المجلس. كما أن هناك مشاريع، أخذت بالفعل وقتها "الافتراضي" في مجال التنفيذ، ولا تزال دون مرحلة التنفيذ. كان لا بد من آلية جديدة تدفع ما تم الاتفاق عليه إلى نطاق التطبيق، خصوصا في ظل التطورات بل التحولات الراهنة على الساحة العالمية وبالطبع الإقليمية.
الأوضاع الاقتصادية المتذبذبة على الساحة العالمية تتطلب تفعيل الحراك الخليجي على الجانب الحيوي، الذي يمثل محورا رئيسا للمجلس كله. يضاف إلى ذلك، هناك مبادرات عدة من جانب البلدان الخليجية لتعزيز التعاون والتكامل، لعل أبرزها دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـــ رحمه الله ـــ للتحرك من مرحلة التعاون إلى مرحلة الوحدة. وهذه الدعوة تبقى الأهم، لأنها تختص بمصير مجلس التعاون مباشرة، ولأنها ترتبط بالمتغيرات الاقتصادية بشكل عام، ولأن توقيتها مناسبا، بعد عقود على تأسيس مجلس التعاون. أي أنها تأتي بعد فترة زمنية كافية من التعاون، واستقراء آفاق العمل المشترك. وإذا ما أضفنا الجانب السياسي إليها، يعتبر مستوى أهميتها أكثر، في ظل التهديدات المباشرة المعلنة التي تتعرض لها المنطقة، ولا سيما من جانب النظام الإيراني الهادف إلى التخريب المستمر.
المؤشرات الاقتصادية العالمية ليست واعدة. بل في بعض المناحي خطيرة جدا، حتى على ساحات البلدان الغربية الأكثر عمقا اقتصاديا. وإذا ما أضفنا إليها الفوضى المروعة في صنع القرار العالمي لأسباب يعرفها الجميع، فإن هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية، ستختصر كثيرا من المسافات الزمنية نحو تكامل مرن، يواجه المتغيرات بقوة. والحق، أن إطلاق الهيئة المشار إليها، يدخل ضمن الإطار العام للنظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي، أي أنها ليست طارئة، أو ارتجالية، أو أنها جاءت كرد فعل. ومن هنا، فإن المشاريع التي تنتظر الانطلاق، ستشهد آلية فاعلة في المستقبل القريب لإتمامها. وإذا كانت المتغيرات من الأسباب الوجيهة لإطلاق مثل هذه الهيئة، فإن الاستحقاقات على الساحة الخليجية تتصدر قائمة هذه الأسباب، مع تغيرات حقيقية لتوجهات الاقتصادات الخليجية مجتمعة ومنفردة.
والهيئة ذات المستوى الرفيع، ستقوم في الواقع بتعزيز الترابط والتكامل والتنسيق بين بلدان مجلس التعاون، ما سيدفع المشاريع المهمة التي لا تزال بحاجة إلى "وقود" عملي إلى الأمام. دون أن ننسى، أنها تختص بالجانب التنموي المحوري في المنطقة كلها. فبلدان المجلس تحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى، إلى مزيد من التنسيق في قدراتها الاقتصادية، حيث تكون أكثر تناغما، ومنع حدوث تنافسية سلبية. يضاف إلى ذلك، أن ما تحقق على صعيد التعاون، يوفر الأرضية الصلبة ليس فقط لدفع مشاريع موجودة إلى الواجهة، بل إطلاق مشاريع جديدة أخرى وتنفيذها، وفق المستجدات الراهنة إقليميا ودوليا. وهذه الأرضية الصلبة مرت حقا بمراحل من الاختبار، زادت من صلابتها على مدى عقود.
إن هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية الخليجية الجديدة، ستكون وقودا جديدا لحراك خليجي مشترك، يستوعب حتى المفاجآت التي قد تظهر على الساحة، سواء محليا أو عالميا. ليس هناك مجال آخر لاستكمال الأدوات الخليجية، في وقت تفقد فيه حتى البلدان الكبرى أدواتها على الساحة الاقتصادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي