رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قمة ضرورية في زحمة المخاطر

انعقدت القمة التشاورية الخليجية في وقتها. وجاءت في زحمة من التحولات والتطورات بل المتغيرات على الساحة الإقليمية، وكلها مستجدات خطيرة تتطلب لقاء على هذا المستوى الرفيع، لكتلة عربية تملك زمام المبادرة والعمل من أجل الحد من الأضرار، وإعادة الاستقرار في المنطقة كلها. والخطورة هنا لا تكمن في مستجدات طبيعية، بل في التآمر الفاضح للنظام الإيراني، الذي نشر الويلات والخراب في كل منطقة استطاع الوصول إليها، ولا سيما في البلدان العربية التي تعاني اضطرابات عسكرية وسياسية وإنسانية أيضا. وأعلن هذا النظام في كل مناسبة، أنه ليس في وارد التوقف عن التدخل الخبيث المباشر في بلدان باتت منكوبة بالفعل. إنها استراتيجية الخراب الإيرانية، التي أصبحت طهران تعلنها دون خجل وحياء، من تورطها المباشر في سورية والعراق ولبنان واليمن، إلى تدخلاتها غير المباشرة في البحرين والمملكة والكويت. هذا قاسم سليماني يفتخر علنا بوجوده في مدينة الفلوجة المناضلة ضد المد الشيعي وتنظيم داعش الإرهابي.
القمة التشاورية الخليجية تشكل محورا رئيسا في هذه المرحلة، وفي المراحل المقبلة، خصوصا في ظل فوضى صنع القرار الدولي حيال القضايا المتفاعلة، ولا سيما تلك التي تخص سورية والعراق على وجه الخصوص. لأن هذين البلدين معرضان اليوم أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط للتقسيم، بل للضياع التام. وهذا اليمن، الذي لا يزال الحوثيون عملاء إيران، وعصابات المخلوع علي عبد الله صالح، يعيثون فيه خرابا، وقد أظهروا في كل المناسبات، أنهم ليسوا مهتمين بأي نتائج لأي مفاوضات سياسية. والمفاوضات التي تجري في الكويت تؤكد مدى ازدراء الحوثيين والمخلوع أي حل سياسي، ولكل محاولة لوقف عدوانهم على الشعب اليمني الشقيق. وهؤلاء لا يستمرون في الواقع إلا في ظل استمرار عدوانهم وعمليات التخريب والقتل التي يقومون بها.
القضايا كثيرة تلك التي طرحت أمام قادة مجلس التعاون، ولعل من النقاط المهمة جدا الأخرى، هي المتعلقة بمسألة العمل على تحويل المجلس الخليجي العربي من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد. وهي الدعوة الشهيرة التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز ـــ رحمه الله ـــ ودعا إلى تفعيل الخطوات للوصول إليها. ويحتاج مجلس التعاون بلا شك إلى هذا النوع من الاتحاد، لأن بلدان المنطقة كلها باتت مستهدفة، ولأن التكامل على مختلف الأصعدة يمثل درعا واقية من أي مؤامرات بصرف النظر عن مصدرها. ولا شك أن إيران هي الوحيدة التي تسعى إلى الإبقاء على الفوضى والتخريب أطول فترة ممكنة في كل البقاع الموجودة فيها، أو تلك التي تملك سراديب مشينة فيها.
وتأتي القمة الخليجية أيضا قبيل القمة العربية التي انتقلت إلى نواكشوط، وهذه الأخيرة تتطلب أيضا دعما سياسيا كبيرا من بلدان الخليج العربي لتحقيق الحد المأمول من النجاح لها. فدول مجلس التعاون الخليجي، باتت الملاذ الآمن الصادق لكل العرب في زمن باتت زوال بعض الدول في المنطقة العربية أمرا واردا. لا يمكن لإيران أن تمضي قدما في مشاريعها التخريبية الطائفية البغيضة، وبلدان الخليج العربي قادرة على العمل معا لقهر المشروع الإيراني الكلي الخبيث، عن طريق مواصلة العمل المشترك بأعلى مستوى، ووضع السياسات التي تدعم الحراك الخليجي، وتفعيل الشراكات السياسية مع البلدان الأخرى التي تتفق سياساتها مع مصلحة المنطقة كلها. منذ سنوات، تغير كثير من المعايير السياسية التقليدية، ليس فقط من جراء فوضى القرار الدولي، بل أيضا وبشكل رئيس من توحش الاستراتيجية الإيرانية، ومن تمادي نظام علي خامنئي في غيه وعدوانه وخرابه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي