توصيات «شيطانية»
في التحليل الرياضي ثمة نماذج من المحللين في القنوات الفضائية تدفعك للضحك والابتسامة، وأحيانا تجعلك تستلقي على ظهرك من فرط "القهقهة"، خاصة عندما يقول أحدهم ـــ وما أكثرهم ـــ الفريق الأكثر تسجيلا للأهداف هو الأقرب للفوز.
لا بأس لو كثرت تلك النماذج الجاهلة في التحليل الرياضي وقدمت لنا القنوات"مخللا" وليس محللا، فكرة القدم هي في الأساس لم توجد إلا للمتعة والاستمتاع والابتسامة ولا ضير لو أضاف عليها "المحلل" بعضا من التسلية والابتسامة، ولكن الكارثة والمصيبة هو "المحلل" الذي يتدخل تحليله في قوت الناس كمحلل الأسهم والاقتصاد.
قبل فترة.. ومن "الفضاوة" وجدتني أمام محلل سابق للأسهم في إحدى القنوات الفضائية وهو يتحدث عن ارتفاع مرتقب لأسعار المساكن ويدفع المشاهدين للشراء، وأن الأسعار في طريقها للارتفاع، وأن يستغلوا الوقت، وأن يبادروا في الاقتراض، وأنهم لو تمهلوا سيجدون أنفسهم أمام مساكن بسعر أعلى من الآن، والمصيبة عندما يختتم كلامه "بإني لكم من الناصحين" وهو الذي لم يكن ناصحا في يوم.
هذا المحلل في شتاء 2006 كان يدفع الناس لشراء الأسهم والمؤشر فوق 20 ألف نقطة، ويجزم لهم أن الثراء ينتظرهم، وأن السوق في طريقها لبلوغ الـ 30 ألف نقطة وربما تزيد إلى 40 ألفا، والنتيجة كانت شراء وهبوطا حادا في الأسهم وخسائر بالمليارات لناس بسطاء باعوا ممتلكاتهم ووضعوا مدخراتهم في سوق متضخمة نتيجة نصيحة محلل «جاهل» أو أنه عالم ولكنه لا يخاف الله.
يكرر صاحبنا ما فعله في سوق الأسهم نفسه قبل سنوات في السوق العقارية الآن، ويطالبنا بشراء مساكن بأسعار مبالغ فيها ومتضخمة للغاية، ويمارس الأسلوب نفسه الذي مارسه في سوق الأسهم سابقا ترهيبا وترغيبا، ولا تعلم السبب هل هو الجهل أم الشيطنة.
لا يوجد إنسان راشد يملك الحد الأدنى من "الإنسانية"، يمكن له أن يفكر مجرد "التفكير" في التلاعب بأموال الناس البسطاء ويدفعهم إلى المغامرة بقوت أبنائهم مستغلا ثقتهم به وفي تقديم القنوات الفضائية له بـ "محلل" أو "خبير" في حين هو مجرد "مخلل" بنفس بشرية تقترب من "الشيطنة" مع الأسف الشديد.