رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


عدلت فأمنت

تحدثت بالأمس عن الفرق بين دولتين كانت إحداهما تحكم العالم, وتولت الأخرى دور الأولى لتتحكم في مصير كثير من دول العالم اليوم. بريطانيا وأمريكا وعلاقتهما بالعلم تختلف بشكل يثير الكثير من النقاش والدراسة كحالة غريبة من تقمص الأدوار.
الحال التي تعيشها أمريكا اليوم من الفوقية والتقليل من شأن الآخرين, عاشتها بريطانيا في مرحلة بدأت معها شمسها الاستعمارية في الأفول. استمر البريطانيون كعنوان للبرود وعدم الاهتمام عقودا عديدة, وهذا الأمر لا يزال يؤخذ على كبار السن هناك, لكنه يتغير باستمرار مع تغير التركيبة السكانية للبلاد, وتغير التركيبة الفكرية والثقافية التي تتضح معالمها في كل شيء تراه هناك.
أهم معالم التغيير الإيجابي في بريطانيا هو اختيار عمدة للعاصمة مسلما ومن أصول باكستانية. أمر يدعو للتفاؤل بمستقبل واعد للشعب الذي يسكن الجزيرة البريطانية, ويدل على أن الفرصة مفتوحة أمام بريطانيا للعودة للسيطرة على كثير مما فقدته من سيطرتها السابقة على الأقل في المجال الاقتصادي.
الدليل الواضح لتفوق بريطانيا وعودتها الاقتصادية هو محاولات دول الاتحاد الأوروبي التمسك بعضوية بريطانيا في الاتحاد واستماتتهم في استمالة البريطانيين لاعتماد العملة الأوروبية الموحدة. نعود للفرق الذي يظهر بين الدولتين, فبريطانيا التي ترشح عمدة لأكبر مدنها مسلما وغير نقي في أصوله, تواجهها في الجهة الأخرى من المحيط الولايات المتحدة التي يتشدق أحد مرشحيها بالكراهية للمسلمين ويطالب بعدم دخولهم إلى الولايات المتحدة. هذا المرشح الذي يقود مجموعة شركات أبرزها واحدة بعيدة كل البعد عن الأخلاقيات العامة والسلوك المحترم في أمريكا نفسها, وهي مؤسسة بلاي بوي, له من الحظوظ الكثير بل إنه المرشح الأبرز للحزب الجمهوري.
إذا لم تحكم الأمور بمعايير الأخلاقية والاحترام ومنح الفرصة للأفضل في الدولة والعدل الذي يناله الجميع سواء كانوا مواطنين أم أجانب, فهناك أزمة كبرى تواجه هذه الدولة, وقد تكون بداية النهاية التي قد لا تكون مفاجئة ولكنها تدريجية, ونحن نشاهد كيف تفقد أمريكا مركزها الاقتصادي لمصلحة دول أخرى, رغم تفوقها الذي تتراجع عنه والذي كان سببه انفتاحها الفكري والثقافي.
هنا ندرك مصدر مقولة ذلك الفارسي الذي رأى عمر نائما تحت الشجرة, فقال: عدلت فأمنت فنمت يا عمر ... وعنه نتحدث غدا بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي