رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«الوقت» .. هل نحسن إدارته؟

"الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك". ويقال – أيضا – إن "الوقت أثمن ما ينفقه الإنسان". عندما التقيت أحد الأصدقاء قبل يومين شكا من ضياع وقته دون إنتاجية عالية، نتيجة تأجيل كثير من أعماله ومهامه، ومن ثم تتراكم لتصبح كالجبال الراسيات الجاثمة على صدره والمؤثرة على سعادته وراحة باله. فقلت له: أنا لست بأحسن حال منك، بل أغرق في مستنقع من الأعمال المؤجلة، التي لها أول وليس لها آخر، ولا يقتصر التأجيل على أيام أو أسابيع، بل سنوات. فمثلا بدأت تأليف كتاب منذ أكثر من ست سنوات، ثم توقفت، وهناك.. وهناك.. وواصلت في عرض الأمور المؤجلة، فصاح قائلا: توقف.. وقل لي ما الحل، وما المخرج من هذا الوضع؟ أو كيف السبيل للتخلص من سلوك التأجيل والتسويف؟ وكيف الوصول إلى وضع تكون صفحة التأجيل بيضاء ناصعة؟
فقلت من الصعوبة الوصول إلى صفحة ناصعة خالية من الأمور والمهام المؤجلة، فالتأجيل والتسويف لا يمكن التخلص منه، بل هو ضروري، لتأجيل الأمور الأقل أهمية من أجل إنجاز أعمال أكثر أهمية، حتى لو كانت طارئة وجديدة، وعلى حساب أعمال يفترض إنجازها منذ فترة.
هناك ثلاثة أمور ضرورية للحد من التأجيل وتراكم الأعمال والمهام، ومن ثم رفع الإنتاجية والإنجاز، من أجل الشعور بالرضا والسعادة، وهي: الأول وضع أهداف محددة، وقابلة للقياس وأيضا قابلة للتحقق خلال فترة زمنية محددة، والثاني تحديد الأولويات، والثالث إدارة الوقت بين المهام من أجل الإنجاز بفاعلية. وهذا يذكرنا بمصفوفة إدارة الوقت المعروفة (Time Management Matrix) التي تتكون من أربعة مربعات: (1) أمور عاجلة ومهمة، ينبغي أن تحظى بالأولوية، (2) أمور غير عاجلة ولكنها مهمة، (3) أمور عاجلة ولكنها غير مهمة، (4) أمور غير عاجلة وغير مهمة. لو استطاع الإنسان الجلوس مع نفسه كل أسبوع، وتحديد الأولويات من حيث الأهمية، ومن ثم التخلص من المهام أو الأمور "غير العاجلة" و"غير المهمة"، لتمكن من تحقيق كثير من الأهداف وإنجاز كثير من المهام. في هذا السياق، يقول ستيفين كوفي (Stephen Covey) مؤلف الكتاب الشهير "العادات السبع للناس الأكثر فاعلية"، يقول: إن جوهر التفكير المتميز في مجال إدارة الوقت يمكن تلخيصه في عبارة واحدة: "رتب أولوياتك ونفذها".
ومن الأهمية بمكان أن نعرف أهمية مفهوم "إدارة الوقت"، فهي إدارة نفسك بنفسك، وإدارة أعمالك التي تقوم بمباشرتها، وإدارة سلوكك، فبدلا من أن يسيطر عليك الوقت وتلعب بك الظروف والأقدار كيف شاءت، حاول أن تسيطر على الوقت من خلال "وضع الأهم قبل المهم". وقد تطور مفهوم "إدارة الوقت" عبر العصور من كتابة الملاحظات ووضع القوائم، إلى العناية بالتقويم وتدوين المواعيد، ثم أخيرا إلى "ترتيب الأولويات".
لكن من المؤسف أن الوقت لا يعطى القيمة أو الأهمية التي ينبغي أن يحتلها لدى معظم الناس في دولنا العربية، ما يؤدي إلى ضعف الإنتاجية وعدم تحقيق أهداف الحياة بفاعلية، الأمر الذي ينعكس على المجتمع عموما. ويحدث ذلك على الرغم من أن الصلوات الخمس المفروضة على المسلم تعد عاملا مساعدا في تنظيم الوقت وإدارته والاستفادة منه. وهذا يدعو إلى ضرورة التأكد من غرس مبادئ احترام الوقت والاستفادة منه لدى الناشئة منذ نعومة أظفارهم، من خلال المناهج الدراسية وعن طريق تدريبهم على الممارسات السلوكية الإيجابية، وإكسابهم مهارة وضع الأهداف وتحديد الأولويات، بدلا من الاعتماد على الدورات التدريبية التي تقدم للكبار وتهدف - في الأغلب – إلى الكسب المادي. وأخيرا يصدق القول إن "الذين يسيئون استخدام أوقاتهم هم أول من يشكون من ضيق الوقت".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي