رحلة التعليم تتواكب مع «رؤية المملكة»
برئاسة الملك فيصل - رحمه الله - ظهرت فكرة مشروع جامعة الملك عبد العزيز. وبعد مرور 50 عاما يأتي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ليقطف بعضا من ثمار تلك الفكرة وذلك الطموح الذي أطلقه الملك فيصل - رحمه الله -، وبعد أن بدأت الجامعة بأقل من 100 طالب ها هي اليوم تقوم بتدريس أكثر من 100 ألف طالب وطالبة في عهد الملك سلمان - رعاه الله -، يدرسون في أكثر من 30 كلية، وأكثر من 100 قسم علمي في مختلف التخصصات الصحية والهندسية والحاسوبية والعلمية والإدارية والإنسانية. هل هناك نموذج أوضح من هذا على رعاية هذه الدولة - حفظها الله - للعلم وأهله؟ هل هناك نموذج أكثر دلالة من الحرص على المضي في طريق العمل وتعليم أبناء المجتمع ورعايتهم؟ هل هناك أشد دلالة من أن يبدأ الملك فيصل مشروعا ويستمر مع الأجيال حتى يرعاه الملك سلمان، ولا يواجه المشروع في طريقه عقبات رغم تغير الأوضاع والأحوال الاقتصادية والسياسية؟. هذه الحقيقة يشير إليها خطاب الملك سلمان ـــ رعاه الله ـــ بمناسبة مرور 50 عاما على إنشاء جامعة الملك عبد العزيز وبكل وضوح من أن هذه البلاد التي قامت على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - تعرف أن أساس هذا الإيمان وهذا الالتزام بالكتاب والسنة يعني الاهتمام بالعلم والعلماء، وأن ذلك هو أساس التطور والرقي.
فالسعودية منذ نشأتها وبقيادة الملوك أبناء الملك المؤسس تضع الإيمان والقرآن نبراسا لها، وتدرك أن الفهم الصحيح لهذا القرآن وما جاء به الإسلام لن يأتي إلا من خلال العلم والعلماء وأن التسلح الحقيقي هو سلاح العلم في مواجهة التغيرات الحضارية الهائلة، فالتعليم مسار أمة يلزمها دستورها بالقراءة وأن العلماء هم ورثة الأنبياء وأن العلماء أشد خوفا لله من غيرهم، ولهذا كان العمل عند قادة المملكة التزاما، توارثوه ملكا عن ملك وقائدا يسلم زمام الأمر إلى قائد. ولكل قائد وملك بصمة واضحة في هذا المجال وجامعة تحمل اسم المؤسس دلالة على دعم العلم ورجالاته. وفي هذا العهد الميمون والمملكة تضع رؤية شاملة للحراك الاجتماعي والاقتصادي لم تتخل عن التزامها للعلم فوضعت العلم من أجل العمل ركنا أساسيا في "رؤيتها 2030".
فالمملكة ترى أن الارتكاز الحقيقي لتحقيق "رؤية 2030" هو أن نتعلم لنعمل، وهذه هي النقلة الموضوعية التي يخطط لها الملك سلمان، فلم تعد قضيتنا كما كانت في عهد الملك فيصل أن نتعلم لنتعلم وننشئ جيلا متعلما، بل قضيتنا اليوم هي أن نتعلم من أجل أن نعمل بهذا العلم، وهذا يؤكده الملك في خطابه أن دور الجامعات في المستقبل هو دعم خطط التنمية عبر تأهيل وتطوير القدرات البشرية، ولهذا تعهدت المملكة في رؤيتها بتعزيز جهود مواءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع احتياجات سوق العمل، ومزيد من الاستثمار في التعليم والتدريب لتزويد أبناء المملكة بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل. وسيكون لكل طفل سعودي - أينما كان - فرصة التعليم الجيد وفق خيارات متنوعة.
فهي إذا رحلة واضحة المعالم منذ نشأة المملكة، رحلة عريضة للتعليم وتطويره. ومن يتأمل في هذه الرحلة والالتزام بها يدرك أن رؤية المملكة جاءت لتضع أجيال المستقبل في مسار التعليم كعهد لهم من الجيل الحالي لراية تسلمناها من جيل سابق.