«رؤية 2030».. ساحة حقيقية «للحراك الاقتصادي الشامل»
يمضي حراك تنفيذ "رؤية المملكة 2030" قدما في كل المجالات، ولا سيما أنها تمثل الأساس القوي لبناء الاقتصاد الوطني السعودي وفق المعايير التي تتطلبها التحولات والمتغيرات، وكذلك الاستحقاقات. ولأنها شاملة، فإنها تضم كل القطاعات الاقتصادية والتنموية، من التعليم إلى الطاقة والتجارة مرورا بالتصنيع والخدمات والنقل والسياحة والاستثمار، فضلا عن الشراكات العالمية الكبرى التي تحمل معها قيمة مضافة لهذا الاقتصاد. إنها ساحة حقيقية شاملة للحراك الاقتصادي الشامل، الذي يستهدف "كما يعرف الجميع" بناء اقتصاد كلي مستدام، يكون فيه النفط قطاعا إلى جانب القطاعات الكبرى الأخرى، وليس أساسا، كما كان عليه الحال طوال العقود الماضية. إنها في الواقع رؤية ما بعد النفط. هكذا أكد القائمون عليها منذ اللحظة الأولى لإطلاقها، متمسكين بالثوابت المتناغمة معها.
ومن هنا يمكن النظر إلى الحراك الصناعي، ولا سيما فيما يتعلق بالجانب الابتكاري منه. وهذا الجانب يعتبر الأهم في هذا القطاع المتحول بصورة سريعة، بسبب التطورات التكنولوجية والعلمية المتسارعة على الساحة العالمية ككل. وهو حراك بدأ في الواقع قبل عدة سنوات، لكن الآليات التي تحملها "رؤية المملكة 2030" له باتت أقوى وأكثر وفرة، وكذلك أوفر مرونة. وتتماشى بصورة كبيرة مع الهدف الأهم وهو تنوع مصادر الدخل، من خلال تنويع أدوات الإنتاج والقطاعات. وبدا هذا مفهوما، من خلال اهتمام معلن من جانب كبريات الشركات الصناعية العالمية، بما فيها شركة جنرال إلكتريك الأمريكية، التي تحتل مكانتها التاريخية بين أكبر الشركات في التاريخ. وهناك مجموعة أخرى من هذا النوع من الشركات الأجنبية "بينها الأوروبية"، تتحضر للدخول إلى السوق السعودية في الوقت المناسب.
وإعلان "جنرال إلكتريك" شراكات استراتيجية جديدة ومبادرات ضخمة تدعم "رؤية المملكة 2030"، هو في الواقع خطوة جديدة في هذا المجال، تقود لمزيد من الخطوات المشابهة، سواء من جانب الشركة نفسها، أو من جهة شركات كبرى أخرى. والشراكات التي أعلن عنها تختص بعدد من القطاعات ولا سيما مشاريع الماء والطاقة والتقنيات الرقمية والطيران، وكلها مشاريع أكثر من حيوية في مرحلة البناء الاقتصادي الجديد وما بعده، خصوصا إذا ما نظرنا إلى الفرص الكبيرة التي توفرها الساحة الاقتصادية السعودية لمثل هذه المشاريع. ويبدو واضحا، أن هذه الشراكة تصاعدية لأنها تبدأ بقيمة مالية تصل إلى مليار دولار لتصل إلى قرابة أربعة مليارات دولار في العام المقبل. ومرة أخرى، كلها مشاريع تدعم التحول الاقتصادي الوطني الكبير.
الطريق بات الآن مشرعا لكل من يرغب من المؤسسات والشركات العالمية الكبرى في دخول السوق السعودية، وكلها مشاريع ذات جدوى، ليس فقط بحكم الثقة الكبيرة بالاقتصاد السعودي، باعتراف المؤسسات العالمية المستقلة وغير المستقلة، بل أيضا لأن القوانين الخاصة بهذا المجال باتت داعمة لأي توجه استثماري أجنبي يسهم في البناء التنموي للاقتصاد السعودي. دون أن ننسى، أن المملكة احتفظت بسمعتها الائتمانية القوية حتى في عز الانهيار التاريخي الكبير لأسعار النفط، وهو انهيار "كما يعرف الجميع" تم بإرادة سعودية لتحقيق هدف أهم، وهو استقرار السوق النفطية وجعلها أكثر استدامة، والحفاظ على مصالح كل من يوجد بالساحة بأعلى درجة من العدالة. والسمعة المشار إليها هي بحد ذاتها رصيد سعودي آخر يضاف إلى الأرصدة الوطنية.
ستشهد السنوات المقبلة مجموعة هائلة من المشاريع المشابهة في كل القطاعات، على أن تصب في مصلحة إتمام "رؤية المملكة 2030" على أكمل وجه. وعلى هذا الأساس سيتوافد المزيد من الشركات العالمية الكبرى بحثا عن شراكات محلية، بأعلى مستوى من الجودة والإنتاج، والأهم النتائج التي تزيد من سرعة تنفيذ الرؤية التاريخية للبلاد.