رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«كل الناس كذا»

تعيش المجتمعات العربية حالة من التبعية الغريبة لأفكار ونظريات ثبت للعالم كله فسادها وعدم صلاحيتها، بل مساهمتها الأكيدة في التخلف والتراجع الذي يستمر عندنا. يستمر الأمر على الرغم من علمنا بالأسباب و"فقهنا" في الحلول. أهم ما يستخدمه منظرو الفكر الذي يعيد الجميع للخلف هو «الكل كذا»، كل الناس يعملون الشيء نفسه.
هذه العبارة التي تؤكد الهروب من المسؤولية الاجتماعية والعملية والأخلاقية، أدت في كثير من الأحوال لتدمير العلاقات وترسيخ الإساءات والمخالفات والتجاوزات. على أن من المهم التأكيد أن هذه الكلمات والمفاهيم السلبية ليست ذات علاقة ببيئتنا وثقافتنا الإسلامية، فالقاعدة المعترف بها في هذا الشأن هي قوله تعالى "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره". إذا فالعذر الذي يستخدمه كثيرون لا يمكن أن يقبل شرعا ولا عقلا، فأنت وإن كان الناس يمارسون سلوكا خاطئا غير مطالب إلا بالنصح لهم إن استطعت إلى ذلك سبيلا. وهو مفهوم من رأى منكم منكرا فليغيره.
إن فقدان الهوية والذوبان في الآخر بدعوى أنك تربيت في البيئة أو أن مخالفة الشائع خطأ، ليس المراد من خلافة الإنسان في هذه الأرض، بل إن الكثير من القامات العالية في الأخلاق وأولهم الأنبياء، ظهروا في الأساس رافضين لسلوك بذيء يمارس في مجتمعاتهم، سواء كان هذا السلوك ضد وحدانية الخالق سبحانه أو ممارسة مجتمعية ضد مشيئته وقوانينه التي وضعها للأنام.
إن الهروب من الواقع ومحاولة التهرب من المسؤولية الأخلاقية دليل على ضعف الإنسان وسيطرة الرغبات الشخصية على المصالح العامة، وهو كذلك نذير بفساد كبير إن الناس انطلقوا وراء أهوائهم واستمرأوا البناء على منطق فاسد، وهذا يجعل القدوات في مستقبل الأيام من الفاسدين، بل حتى يحيق خطره بمن نتوخى فيهم الصلاح والإصلاح للوطن والأمة.
هنا أعود للنقطة الأولى وهي ضرورة البناء على الخلق القويم في التعامل مع الناس والأحداث والنعم والصلاحيات التي تقع بين أيدينا، وأن نحاول أن نستعملها كلها في تحقيق مصلحة الدين والوطن، ونحاول بكل الوسائل أن نكون عرابي بناء وناشري أخلاق ودعاة للتمسك بالقيم العليا في المجتمع. ولعل كبار القوم أولى بالبدء في مثل هذا الأمر، لأنهم من ينظر إليهم البسطاء ويرون في سلوكهم وسيلة الوصول للنجاح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي