تأهيل الشباب السعودي .. للمراكز القيادية

يدور جدل هذه الأيام حول نظرة بعض رجال الأعمال للشاب السعودي .. ما يفسر عدم إتاحة الفرصة في معظم الشركات الخاصة للشباب المؤهلين وذوي الخبرة للتقدم إلى المراكز القيادية، وسأتحدث اليوم عن تجربة كنت طرفا فيها، وأصدق ما يكتب عنه الكاتب ما كان قد عايشه بنفسه، وتتلخص القصة في أن إحدى الشركات في مدينة الرياض المالكة لمرفق سياحي ظلت لأكثر من 20 عاما تعيّن مديرين غير سعوديين لهذا المرفق على اعتبار أنه لا يوجد متخصص في هذا المجال وشغرت وظيفة "المدير العام" لفترة طويلة وأعلنت الشركة في بلدان عربية وغير عربية عن هذه الوظيفة لكن شح المتخصصين عالميا حال دون وجود المرشح المناسب .. وأمام هذه المشكلة دارت مناقشات مطولة في مجلس الإدارة وكنت أحد المشاركين فيها فاقترحت إعطاء الفرصة لمساعد المدير العام وهو شاب سعودي ظل في هذا المركز لأكثر من عشر سنوات، وطلبت أن أتحدث معه ثم يكلّف بالمنصب لمدة ثلاثة أشهر نعود بعدها للحديث عن صلاحيته النهائية للوظيفة القيادية، وفعلا تم ذلك وبدأت الخطوة الأولى بعقد اجتماع مطول مع الشاب الخلوق المبتسم دائما والمهتم بحسن مظهره وهذه من أهم صفات المدير الناجح، ولا سيما في مرفق سياحي يهتم بالضيافة واستقبال الضيوف، وانطلقت في حديثي معه من هذا الجانب وحددت له جوانب لو حرص عليها فسيحقق النجاح في عمله ويفوز بالمنصب بعد ثلاثة أشهر .. وهذه العناصر هي ألا يجلس على كرسي مكتبه في اليوم لأكثر من ساعتين فهو كمدير في مؤسسة سياحية مسؤول شخصيا عن تفقد قسم الاستقبال ومراقبة كيف يتعامل الموظفون فيه مع النزلاء .. وعن الصالة الرئيسية وتقديم الخدمات فيها للمقيمين وغيرهم من المرتادين ما يعطي سمعة طيبة للمنشأة .. ومسؤول أيضا عن المطبخ ونظافته وعن المستودعات وترتيبها .. وكنت أراقب أثناء حديثي معه ردة فعله عبر تقاسيم وجهه وبالذات عند الحديث عن نظافة المطبخ .. لكنها كانت جميعها مبشرة بقبول لم أتوقعه .. ثم انتقلت للحديث عن العنصرين الآخرين وهما يتعلقان بالموظفين العاملين معه، حيث أكدت ضرورة العدل بينهم فلا يكون له "شلة مقربة" وأخرى بعيدة مهما كان مستواهم أو جنسياتهم .. والنقطة الأخيرة أن يحرص على طلب حوافز وترقيات وعلاوات للجيدين من الموظفين الذين بأدائهم يحققون له وللمنشأة النجاح المطلوب .. وفعلا طبق جميع هذه النصائح وبعد ثلاثة أشهر كان جديرا بالمركز الأول وهو الآن من أنجح المديرين في هذا المجال.
وأخيرا: ومع الرؤية المستقبلية الجديدة لا بد من إتاحة الفرصة للشباب السعودي للتقدم إلى الصفوف والمراكز الأولى وذلك بعد أن يتم تأهيلهم وتدريبهم وإعطاؤهم النصائح التي تعينهم على القيام بواجبات الوظيفة الأولى وهذه مسؤولية مجالس إدارات الشركات التي يجب أن تختار كل عام من بين موظفي الشركة مجموعة من الشباب الذين يملكون الصفات القيادية ليتم إعدادهم لتسلم المراكز الأولى، كما أن الغرف التجارية مدعوة إلى عقد لقاءات وندوات وورش عمل تدريبية لإعداد المديرين، مستفيدة في ذلك من تجربة كل مدير سعودي ناجح .. حيث يشرح للشباب المرشحين لوظائف عليا كيف وصل إلى المركز القيادي متخطيا كل العقبات التي اعترضت طريقه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي