رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قطعت «الإماراتية» قول كل خطيب

كتب كثيرون عن سلوكيات قائدي المركبات في طرقاتنا وشوارعنا وكذلك عن تهاون المرور، وغياب الحزم والحرفية في تطبيق أنظمة المرور، وأيضا كتبت وكتب غيري عن سلوكيات قائدي المركبات السلبية وتجاوزاتهم المقلقة والمنفلتة في طرقاتنا وشوارعنا لسنوات طويلة، دون أن يحرك ذلك كثيرا من السكون لدى إدارات المرور، باستثناء تبني "ساهر"، الذي جعل دوريات المرور أكثر تهاونا وغضا للطرف عن أي تجاوزات في الطرق، ربما أخذا بالقول: "دع المسؤولية على ساهر"!
انتشر قبل أيام مقطع صوتي لسيدة "إماراتية" ترد على ما ورد في حلقة من برنامج تلفزيوني تقدمه الدكتورة بدرية البشر حول قيادة المرأة للسيارة، ويبدو أن السيدة الإماراتية تسكن في مدينة الرياض لفترة من الزمن وتعرف الكثير عنها، وحول ذلك أقول: لعل هذا المقطع الذي اتسم بالصراحة والشفافية والوضوح يترك أثرا أكبر وأبلغ لدى إدارات المرور والشرطة؛ لإيقاظهم من سباتهم، ويحرك هممهم للقيام بواجباتهم ومهامهم للحد من ممارسات الشباب، التي تعكس أزمة قيم، وخللا في التربية، وضعفا في تطبيق الأنظمة. تجاوزات مثل "التفحيط" في الشوارع العامة، والقيادة بسرعة تفوق الخيال، ما يعرض المارة وأصحاب المركبات للخطر، أصبحت مشاهد مألوفة، ناهيك عن وقوف بعض الشباب في وسط الشارع لتبادل الأحاديث دون مبالاة أو مراعاة للآخرين، وهم يعرفون سلفا أن حضور دورية المرور لن يعرضهم للعقوبة، اللهم إلا أن يكون تنبيها بمكبر الصوت، يحث على سرعة "التحرك"، ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يعمد بعض الشباب لتجاوز صفوف السيارات أمام إشارة المرور، ليأتي في مقدمة السيارات، دون أي اعتبار لمن سبقوه، ودون أي اعتبار لدوريات المرور التي لا تعتبر ذلك تجاوزا أو مخالفة يستحق التعامل معه!
عزيزي قائد المركبة، لا تتوقع تسامحا أو مراعاة من قائدي المركبات إذا كنت مؤدبا ومسالما، فلا بد أن تتعود على الهجوم ومقارعة "الصدام" بالصدام، للحصول على فرصة لتغيير المسار أو دخول مسار آخر، ولكن كل هذه التجاوزات تهون عند مقارنتها بوضع امرأة تركب في المقعد الخلفي لسيارة يقودها سائق وافد، عندئذ لا يستبعد تعرضها لملاحقة أو مطاردة، لا تنتهي إلا عند وصولها إلى باب أسرتها، وهذا السلوك يجعل الأسر تخشى على بناتها من وحوش الشوارع المنفلتة.
ولكي تحافظ على صحتك النفسية وسلامتك الجسدية، لا بد أن تتبنى مبدأ "امسك أعصابك.. ثم افسح الطريق للمتهورين.."، وذلك عندما تكون في الطريق وملتزما بالسرعة المحددة، ثم تلتصق بسيارتك من الخلف سيارة أخرى، تجبرك على إخلاء الطريق لشاب صغير ـــ "زعطوط" كما تصفه السيدة الإماراتية ـــ يقود سيارة فارهة، ليتجاوزك بسرعة جنونية، عندئذ ستكرر مقولة معروفة "من أَمِن العقوبة أساء الأدب"!
كأني بك ــــ عزيزي القارئ ــــ تقول: وماذا عن تراكم السيارات أمام المطاعم والمقاهي التي تحجز سيارتك في موقفها النظامي، بل تغلق الطريق أو تكاد في بعض الأوقات، في هذه الحالة لا يمكن أن تجد عذرا لدوريات المرور، لوضوح هذا الخلل مثل وضوح الشمس في رائعة النهار، حيث أصبحنا لا نستغرب وجودها، بل على العكس من ذلك نستغرب الحال عندما تكون هذه المشاهد والتجاوزات غير موجودة. علاوة على ذلك، تجوب الشوارع سيارات يقوم أصحابها بتركيب أجهزة ملحقة بأنبوبة العادم تجعلها تُحدِث ضوضاء عالية وأصواتا مزعجة جدا، ولكن هذا الأمر لا يُعتبر مخالفة في قاموس دوريات المرور!
في الحقيقة، شعرت قبل سنوات بالأمل في إصلاح الحال عندما شاركت في دراسة تشخيصية لطبيعة التجاوزات السلوكية لقائدي المركبات، فظننت أن هذا التشخيص وإبراز طبيعة الخلل سيؤدي إلى حلول عاجلة وإجراءات عملية لتحسين الأوضاع في شوارعنا. ولكن أقول بمرارة إن ذاك الأمل تبدد وأصبح بعيد المنال، ما لم تجر عملية جراحية مؤلمة لإدارات المرور، يقابلها توفير علاج ناجع لما بعد العملية، يتمثل في تحسين أوضاع رجال المرور وبيئات عملهم وزيادة أعدادهم بما يتوافق وكثافة الحركة المرورية وعدد السيارات في كل مدينة. وأختتم بأمنية ألا وهي أن يركز برنامج التحول الوطني لتحقيق رؤية 2030 على الإنسان، والعمل على غرس بعض القيم المهمة مثل احترام الآخرين، واحترام الوقت، وأخلاقيات العمل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي