رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


القرار وتداخل المصالح

قررت وزارة العمل أن تمنح العامل الأجنبي حق نقل الكفالة إن هو رغب في ذلك دون مقابل ودون شروط إذا بلغ عن ممارسة كفيله مخالفة التستر. هذا القرار هو بمنزلة الصدمة العنيفة لكل من يمارس أعمال التستر وهم كثر في المملكة، بل أكاد أجزم أن نسبتهم تتجاوز 80 في المائة من أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة.
أعتقد أن القارئ يوافقني وهو يلاحظ أغلب الأعمال تمارس بطريقة التستر، التي ينتج عنها هدر رهيب للأموال، وخلل خطير في تركيبة الاقتصاد الوطني. يمارس التستر اليوم على نطاق واسع، وتحت رقابة وأعين المسؤولين عن مكافحته، وقد يكون بعضهم يمارسونه بعد أن رأوا أنه وسيلة سهلة لتحصيل الأموال وزيادة الدخل.
المطاعم والمغاسل والبقالات ومحال بيع التجزئة وكثير من محال الجملة، بل حتى المصانع والشركات الصغيرة والمتوسطة بأسماء سعوديين، وهي في الواقع تجني الأرباح الهائلة للعمالة الأجنبية التي تحول الأموال خارج الاقتصاد.
تفشل محاولات الجهات الرقابية في السيطرة على حركة الأموال في تتبعها ومنع خروجها من الاقتصاد؛ بسبب قيام الكثير من المتسترين بحفظ أموال مكفوليهم في حساباتهم الشخصية، ونقلها بأسمائهم لدول هؤلاء على شكل معاملات مالية عادية لا تقع تحت نطاق الرقابة المالية الحكومية، التي تفرض على تحويلات الأجانب.
حتى القيود المفروضة على تحويلات الأجانب بحاجة لرقابة أكثر صرامة، ونحن نلاحظ وقوع المملكة في المركز الثاني عالميا في تحويلات الأفراد غير السعوديين. عندما نقارن ذلك بحجم الاقتصاد السعودي مقارنة بدول العالم، نكتشف أن الخلل كبير جدا.
قرار مثل هذا الذي اتخذته الجهات الرسمية، قد يؤدي إلى نتائج إيجابية، وقد يكون مثل القرارات الأخرى التي تبدو جاذبة ومحققة لغايات سامية، لكنها تنفذ بآليات لا تحقق المطلوب من القرار الأصلي. كثير من القرارات التي صدرت لمعالجة إشكالات في مختلف جوانب الاقتصاد، لم تحقق الغرض منها، إما لعدم توافر الآليات والتنظيمات الفاعلة، وإما لأنها لم تنفذ بالطريقة المناسبة، أو التطبيق غير السليم الذي يبتعد عن الهدف الحقيقي، وإما لأن "الشق أكبر من الرقعة" كما يقول صاحبي دوما، إلا أن السبب الأهم في عدم نجاح قرارات كهذه هو وجود حالة تداخل المصالح التي تجعل المنفذ يخسر عندما يطبق القرار بالطريقة الصحيحة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي