رمضان والغذاء
يقترب شهر الخير والبركة من الحلول خلال أسابيع قليلة. يعطي هذا الشهر الأمل في تغيير مهم في سلوك الفرد والمجتمع، وهذا من مقاصد الشارع في توحيد المجتمع ورفع المعاناة عن الفقراء. إن الشعور الذي يعيشه الأغنياء خلال الشهر من الجوع ما هو إلا بعض مما يشعر به المحتاج. تختلف المعاناة من مجتمع إلى آخر ومن شخص إلى آخر وباختلاف الزمان. كثيرون يصومون أياما غير أيام شهر رمضان، وهذا يجعلهم أقرب للفقراء طول العام بدل أن يتعاطفوا خلال شهر معين فقط.
افتتحت بترسيخ المفهوم مع أن المعلومة عامة، ولكنني أريد أن أتحدث عن التغيير الجذري الذي يعيشه مجتمعنا في شهر رمضان، وهو بعيد كل البعد عن المفهوم الأساس الذي يحمله الشهر من التعاطف والبساطة والعيش على الكفاف. يأتي شهر رمضان كل عام بتقليعة مختلفة لدى كل فئة ومجموعة، أغلبها بعيد كل البعد عن البساطة والاكتفاء بالضروريات.
لهذا لم أستغرب وأنا أقرأ أننا سننفق ما يقارب ملياري ريال على مشتريات الأرز خلال الشهرين المقبلين. ولو استخدمنا النسب المئوية في المقارنة بين الاستهلاك في مختلف الشهور لوجدنا أن التغيير في استهلاك مادة الأرز يتراجع مقارنة باستهلاك مواد أخرى.
مع الارتفاع في نسبة الاستهلاك لهذه المادة الذي يتجاوز 20 في المائة خلال الشهر الفضيل، نصل إلى قناعة، أن مواد أخرى سيتجاوز استهلاكها 200 في المائة، بل إن بعض المواد “الغذائية” قد لا يستهلكها أغلب الناس إلا في شهر رمضان.
الأكيد أننا الآن وصلنا إلى قناعة أن الغرض الأساس من فرض الصيام كوسيلة للتقوى والشعور بحاجة الغير تنخفض عندما نتجاوز حدود المعقول في تحويله إلى شهر استهلاكي بدل أن يكون وقت تعاطف وصدقات ورحمة بين الناس.
هل نستطيع أن نعيد السلوك في هذا الشهر إلى المقاصد الأصيلة التي فرض من أجلها؟ سؤال مهم يمكن أن يكون جوابه بعهدة من يؤثرون في المجتمع سواء من الوعاظ أو كبار الأسر أو رجال الأعمال، قد يتحقق ذلك من خلال المشاركة.
أن يشترك الجميع في الموائد المقدمة سواء الجيران في الحي أو في المساجد أو حيث توجد تجمعات العمالة، جلوسا مع بعضهم يأكلون ويتبادلون الحديث والنقاش فيما يفيدهم، وهو أمر يجب تفعيله.