رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


في الصيف ضيعت الوقت

ونحن على أبواب فصل الصيف، وعلى وشك استقبال الإجازة الطويلة لهذا العام التي تمتد ـــ على غير العادة ـــ إلى أكثر من ثلاثة أشهر؛ مدتها ليست قليلة، فهي تمثل أكثر من ربع سنة كاملة، ما يتطلب منا التوقف والتفكير في كيفية استثمار هذا الوقت الطويل فيما يفيد وينفع، والتخطيط هو أساس النجاح في تحقيق الغايات. ولعل إشارة الرسول المصطفى ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ بقوله: "ولئن تدع أبناءك أغنياء خير من أن تدعهم فقراء يتكففون الناس"، فيه دلالة على أهمية التخطيط لتحقيق مصلحة الأسرة. وكما يُقال أيضا: "إنسان بدون هدف كسفينة بدون دفة كلاهما سينتهي به الأمر على الصخور". ومن الأمور التي ينبغي أن تؤخذ في عين الاعتبار، ما يلي:
1) تحديد قائمة من الكتب لقراءتها خلال الإجازة، وينبغي أن تكون متنوعة وممتعة، فاختيار الكتب الممتعة يجعل الإنسان يشعر بلذة القراءة ويشجعه على قراءة المزيد من الكتب.
2) تخصيص وقت للمتعة والترفيه، سواء من خلال زيارة الأقارب أو لقاءات الأصدقاء أو السفر داخليا أو خارجيا للاستمتاع، فالأسفار فيها عديد من الفوائد التي لا تخفى على أحد.
3) تنظيم الوقت وممارسة تطبيق تنظيم الوقت وتدريب النفس على احترام الوقت، فأكبر مشكلة لدى العربي عموما هي الفوضوية وعدم القدرة على تنظيم الوقت. ولا ينبغي أن نستهين بهذه المسألة، فهي التي تحدد نجاح الإنسان في الحياة أو فشله. ومن النماذج التي تبرز في الذهن شخصية الدكتور غازي القصيبي الاستثنائية، فقد كان وزيرا ناجحا، وأديبا لامعا، وشاعرا مميزا، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل استطاع تأليف كتب في الإدارة والتنمية مع انشغاله بمهام الوزارة والإدارة وبروتوكولات الاستقبالات الضرورية لمن هو في منصب الوزير، وإلى جانب تميز القصيبي فكريا وثقافيا، فإن لإدارة الوقت واستثماره دورا في نجاحه الباهر.
4) ممارسة هواية محببة للنفس أو العمل على اكتشاف الذات لتحديد هواية مناسبة قليلة التكاليف، يسهل ممارستها بسهولة واستمرارية، فمثلا لا يمكن لإنسان في مدينة الرياض ممارسة هواية صيد الأسماك لصعوبة الوصول للبحر بصفة دورية، ولكن هناك هوايات أسهل وأيسر، مثل: الرسم، والتصوير، والرياضة، والموسيقى، والشعر، والاكتشافات العلمية، ومشاهدة الطيور ونحوها.
5) وضع أهداف يرغب الإنسان في تحقيقها في الحياة، بحيث تكون بعض الأهداف قصيرة المدى، وأخرى متوسطة وطويلة المدى. فمع الأسف كثير من الناس يعيش الحياة كيفما جاءت، دون أهداف يرمي إلى تحقيقها، ثم يفاجأ عندما يصل إلى مرحلة التقاعد بأنه لم يحقق شيئا يرضي الضمير ويحقق الذات! والسؤال المهم الموجه للجميع هو: هل لديك خطة للحياة تشتمل على بعض الأهداف القابلة للتغيير والتعديل حسب المستجدات؟ ينبغي ألا ننكر أن هناك أهدافا عامة لكل إنسان مثل: الحصول على الشهادة الجامعية أو أعلى، والزواج، وامتلاك منزل مناسب للأسرة، ولكن بعض هذه الأهداف لا تتحقق بسهولة ويسر خلال فترة معقولة، إلا من خلال التخطيط المناسب. لا أريد ـــ عزيزي القارئ ـــ أن ينطبق علينا قول الشاعر الشعبي حمود البغيلي:
«يا كثر ما قلت أبسوي وأبسوي... ولا فيه شيء من اللي قلت سويته
راحت حياتي وأنا أطري وأنا أنوي... واللي بغيته نسيته يوم خليته
أنا أحسب إني صغير وبالعمر توي... لا شك شيبت وأحلى العمر عديته».
وأخيرا لا بد أن تقوم منشآت القطاع الخاص والأهلي بدورها في استثمار أوقات الطلاب والمعلمين والموظفين والمتقاعدين الذين يتمتعون بالإجازة أو تتوافر لديهم أوقات فراغ، وذلك من خلال:
ـــ إتاحة الفرص أمام العمل التطوعي سواء في المكتبات العامة أو الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع الأخرى لغرس مفهوم العمل التطوعي لدى الشباب وتمكين الكبار من تقديم ما يفيد المجتمع.
ـــ إطلاق برنامج تحت اسم "تشجير الصحراء" بدعم من القطاع الخاص ضمن مسؤوليات تجاه المجتمع.
ـــ وضع برامج ثقافية وورش عمل تدريبية مجانية لكل الفئات من شباب وكبار وذكور وإناث من أجل استثمار الوقت فيما يفيد الفرد والمجتمع، في مجالات "تنظيم الوقت"، والتصوير، والرسم، وينبغي أن تقوم منشآت القطاع الخاص والأهلي بدعم هذه الأنشطة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي