الحج فريضة مقدسة لا مزايدة فيها
لم يتوقع أحد أن تصل إيران إلى حد المساومة السياسية في السماح للإيرانيين بالمشاركة في الحج والعمرة أو حرمانهم منهما، وأن تستخدم هذه الورقة الدينية في خلاف مصطنع لا أساس له سوى الممارسة السياسية الإيرانية التي أصبحت واضحة في خلط السياسة بالدين والعمل على ابتزاز رخيص لن يجدي ولن يقدم أو يؤخر في الكيفية التي يدار بها موسم الحج والعمرة كل عام.
إن سياسة المملكة ثابتة ولم ولن تتغير، ولن تخضع للضغط أو التهديد، فلكل دولة سيادتها وحقها المنفرد في إدارة شؤونها الداخلية، ولم تطلب المملكة من أحد أن يسهم أو يقدم عونا أو دعما في إدارة الحج والعمرة؛ بل إن تلك النظرة إلى موسم الحج والعمرة، من منطلق تجاري أو استثماري، ليست في الأذهان أبدا، ولم تكن محل تفكير القيادة السعودية الرشيدة يوما من الأيام؛ لأن المملكة تقوم بواجبها من منطلق الواجب الديني والمسؤولية أمام العالمين العربي والإسلامي وتعكس طموحات الشعوب المسلمة في كل موسم حج؛ حيث تضع حقوق زوّار بيت الله الحرام في مقدمة وأولويات العمل الرسمي والأهلي في تنظيم الحج والعمرة.
لقد أوضحت المملكة في أكثر من موقف، أنها لن تسمح بتسييس الحج والعمرة، ولن تقبل أن يتحول موسم الحج والعمرة إلى نشاط سياسي يتم فيه الترويج للتوجهات السياسية لأي دولة، فالحج عبادة وركن من أركان الإسلام؛ حيث يفد المسلمون من كل مكان في العالم الإسلامي، وحيث تعتبر السكينة والهدوء من أهم ما يجب توفيره للحجاج والمعتمرين لكي يتم لهم نسكهم وقد أمر الله - سبحانه وتعالى - بعدم الرفث والفسوق والجدال في الحج؛ بل إن على الحجاج والمعتمرين أن يتفرغوا للعبادة ويتجنبوا شؤون الدنيا خلال أداء الفريضة.
إن المملكة ودول العالمين العربي والإسلامي تدعو المسؤولين الإيرانيين، أن يدركوا أن فريضة الحج فريضة دينية مقدسة لدى جميع المسلمين، ولا ينبغي ربطها بالمواقف والخلافات السياسية بين الدول، وتطالب الجهات المختصة في إيران بالتعاون مع الجهات الرسمية في السعودية المسؤولة عن تنظيم موسم الحج حتى يتاح للحجاج الإيرانيين أداء فريضتهم باطمئنان وسلام مع أشقائهم من مسلمي العالم مع تقدير دول العالم الإسلامي للجهود الكبيرة والتسهيلات العديدة التي تقدمها الحكومة السعودية من أجل رعاية حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزائرين للأماكن المقدسة في السعودية؛ انطلاقا من واجبها ومسؤوليتها في خدمة الحرمين الشريفين.
إن السلطات في المملكة لم تمنع مطلقا الحجاج أو المعتمرين الإيرانيين من القدوم، وإن المنع حدث من قبل الحكومة الإيرانية، إذ يتخذون ذلك وسيلة من وسائل الضغط المتعددة على حكومة السعودية. وإن السعودية قيادة وحكومة وشعبا ترحب وتتشرف بخدمة ضيوف الحرمين الشريفين من الحجاج والمعتمرين والزوّار من جميع الجنسيات، وهذه الخدمة تعدها المملكة أهم واجباتها الإسلامية، وأن ذلك يأتي انطلاقا من مسؤوليتها تجاه خدمة ضيوف بيت الله الحرام، وبتوجيهات من حكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، توجه وزارة الحج والعمرة الدعوة إلى جميع المسؤولين عن شؤون الحج في الدول العربية والإسلامية والدول ذات الأقليات الإسلامية للقدوم إلى المملكة؛ لبحث ومناقشة ترتيبات ومتطلبات شؤون حجاجهم.