التحول الوطني .. إشراقة المستقبل وأمل الأجيال
أُعلن قبل أيام عن رؤية المملكة 2030 الطموحة، لفترة ما بعد النفط، وتعتمد على ثلاثة محاور: مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، وتسعى هذه الرؤية لإحداث نقلة نوعية في كل مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من خلال التحول من الاعتماد شبه الكامل على النفط إلى اقتصاد يعتمد على الموارد البشرية والطبيعية المتجددة وغير المتجددة الأخرى (غير النفط)، وتنطلق من إمكانات تنموية كبيرة، يأتي في مقدمتها وجود الحرمين الشريفين، وميزة الموقع الاستراتيجي بين قارات العالم، ووفرة الموارد الطبيعية المتنوعة، إلى جانب مجتمع فتي، يشكل الشباب نسبة كبيرة بين أفراده. وسينعكس تحقيق هذه الرؤية - بإذن الله – في تغييرات إيجابية، منها تخفيض معدلات البطالة لدى السكان السعوديين من 11.6 إلى 7 في المائة، وتعزيز دور المرأة في التنمية من خلال رفع مشاركة المرأة في قوة العمل من 22 في المائة إلى 30 في المائة بحلول 2030م، وزيادة العمر المتوقع عند الميلاد من 74 سنة إلى 80 سنة، كذلك زيادة نسبة ملكية المسكن للأسر بوجه خاص، وإحداث تنمية اقتصادية واجتماعية وحضرية شاملة بوجه عام.
ولا شك أن تجديد الرؤى حسب متطلبات المرحلة أمر في غاية الأهمية لضمان استدامة التنمية المستدامة ورفع التنافسية للاقتصاد الوطني. وقد استبشر معظم أفراد المجتمع بإعلان هذه الرؤية الطموحة، التي تؤدي إلى زيادة الرخاء والازدهار والرفاه في المجتمع السعودي. ومن الأمور التي لا تخفى على صانعي القرار، ولكنها تستحق الإشارة والتأكيد، ما يلي:
1) ينبغي زيادة الاهتمام بالتعليم بالدرجة الأولى؛ لأن التعليم هو المفتاح السحري لأي تقدم اقتصادي أو ثقافي أو اجتماعي، وكذلك زيادة دعم البحث العلمي الجاد، الذي يهدف إلى بناء اقتصاد المعرفة، من خلال زيادة الدعم الحكومي، ورفع إسهام القطاع الخاص بتخصيص أو فرض نسبة من الأرباح تودع لمصلحة البحث العلمي.
2) من متطلبات تحقيق رؤية 2030، الحد من الفساد من خلال الحزم في تطبيق الأنظمة؛ لأن النفس أمارة بالسوء، ما لم تُوجد الأنظمة الشاملة والتطبيق الحازم والعقوبات الرادعة.
3) يتطلب تحقيق الرؤية الطموحة تضافر جهود مؤسسات القطاعين العام والخاص، من خلال رفع إنتاجية القطاع العام من جهة، وتجنب رجال الأعمال ومنشآت القطاع الخاص الجشع والأنانية والشهوة في تحقيق أكبر المكاسب الذاتية من جهة أخرى.
4) إعداد خطة تنفيذية خمسية، تعتمد على مؤشرات أداء يمكن قياسها وتقويمها بصفة دورية، أي كل خمس سنوات، مع تحديد أولويات كل مرحلة.
5) ينبغي استغلال الثروات المعدنية بحذر، وحسب الاحتياج الوطني، دون إفراط في استنزاف الثروات الطبيعية، مع التركيز على الثروات المتجددة؛ لأن الثروات الطبيعية غير المتجددة ليست لهذا لجيل فقط، وإنما تشترك الأجيال القادمة في حق الانتفاع بها والاستفادة منها، لذلك ينبغي الاستفادة منها بقدر دون إسراف، ووفق نظام لاستغلال الثروات يتسم بالشفافية، لكيلا تُستنزف ثروات الوطن من قبل شركات لا تعير البيئة أو مصالح المجتمع أي اعتبار.
6) تنمية الموارد المائية؛ لكونها عصب الحياة الذي تتوقف عليه استدامة التنمية، من خلال ترشيد الاستهلاك والحد من تلوث المياه الجوفية، واستخدام التقنيات الحديثة والطاقة الشمسية في تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه الملوثة.
7) النظر إلى إنشاء وزارة لإدارة التنمية والبيئة، وهيئة وطنية للعمل التطوعي، وهيئة وطنية للسكان والأسرة.
8) ينبغي مراعاة التغير التدريجي المدروس؛ لأن تغيير السلوك لا يتحقق بدرجة سريعة.
9) إشراك المجتمع بمؤسساته وفئاته المختلفة في عملية التحول، من خلال عقد ورش العمل، والمشاركة في إجراء الدراسات العلمية المساندة لتحقيق التحول التدريجي.
وفي الختام، أدعو الله أن يحقق الازدهار والتنمية المستدامة لبلادنا، وأن يحفظ أمن وسلامة وطننا؛ ليكون منارة إشعاع علمي وثقافي على الخريطة الدولية.