شباب وشباب
دعتني المقاطع التي انتشرت أخيرا عن حركات تقوم بها مجموعات من الشباب تنافي الروح الوطنية وتعارض القيم المجتمعية التي نشأنا عليها، للبحث عن ما يمكن أن يسبب مثل هذا الأمر.
هناك كثير من التغيير الذي تمر به بلادنا وأهمه التغيير الاجتماعي الذي أدى لانشغال الآباء والأمهات بكثير من الأمور البعيدة كل البعد عن الغرض الأساس من وجودهم وقرار بناء الأسرة وإخراج أعضائها للمجتمع.
إن الدور الأهم في حياة الأسرة ليس بيولوجيا وحسب، فهذه الجزئية يمكن أن تقوم بها كل مخلوقات الله، بل إن كثيرا منها يتجاوز ذلك فتزرع في من تنجب مفاهيم الخوف والرحمة وغيرها من المفاهيم الاعتبارية المهمة. نحن خلقنا لغايات أسمى من ذلك وفينا خلافة الأرض، ونسيطر على كل مخلوقات الله بما ميزنا به المولى جلت قدرته من العقل والقدرة على التفريق بين الخطأ والصواب.
إن فقدنا هذه القدرة كما شاهدت في أكثر من مقطع فنحن لا نستحق الحياة والخلافة التي اخترنا لها. يقول الواقع إن كل من مارس تصرفات كالسير عريانا أمام العائلات أو الهجوم على الفتيات والاعتداء على المتنزهين، ليس مجنونا يمكن أن نلغيه من حساباتنا، وإنما هو كامل الأهلية ويعلمك أن ما فعله هو قمة سوء الأدب والتصرف في أي مجتمع إنساني متحضر أخلاقيا.
يظهر هنا الدور المهم الذي يجب أن نجد من يمارسه لإعادة هؤلاء إلى الجادة ــــ وقبل أن تتولى أجهزة الدولة هذا الدور ــــ أظن أن علينا نحن كأفراد في المجتمع أن نعمل لحصار السلوك الخاطئ ونعلم من يرون المتعة فيه أنه غير مقبول. هذا يأتي عن طريق كثير من الوسائل، لكن الواضح أن العلاقة الشخصية والمواجهة العقلانية مع الشباب مهمة في هذه الحالة.
يمكن أن نعمل على إقناع الأسر كذلك أن ما يمارسه الأبناء دليل على ما تربوا عليه من السلوك. وبهذا فإن الأسرة مسؤولة بشكل كامل عما يمكن اعتباره خروجا على العرف عندما يفعله أبناؤهم وبناتهم.
أكثر الناس تأثيرا في أمر كهذا هم الأصدقاء الذين يمكن أن يتعرفوا على مسببات السلوك العقيم، ويحاربوا انتشاره بين أقرانهم. هذا يعني أن نكتشف الموهوبين في المجال ونعلمهم ونعينهم على أن يكونوا العناصر الأكثر أثرا في إصلاح سلوك زملائهم وأصدقائهم.