تهيئة الأرصفة للمشاة
أسقط كل المتفائلين من أبنائنا وبناتنا أحلامهم ورؤاهم على رؤية المملكة 2030. وهذه الظاهرة الإيجابية يدعمها حماس الحكومة للرؤية وقناعتها بأهمية توفير كل الفرص لنجاحها، وهذا ما أكده مجلس الوزراء خلال جلسته التي انعقدت أمس الأول.
بحسب الرؤية تأتي سعادة المواطنين والمقيمين على رأس الأولويات. وهذه السعادة لا تتم "دون اكتمال صحتهم البدنية والنفسية والاجتماعية". وتستعرض الرؤية في هذا المجال جملة أمور من بينها توفير "محيط يتيح العيش في بيئة إيجابية وجاذبة". لقد كانت مبادرات إيجاد مدن صديقة للإنسان والبيئة ولا تزال حاضرة في الأذهان. وهي جزء من أحلام وطموحات الأجيال. إذ إن علاقة الإنسان مع البيئة المحيطة الجاذبة تحقق سعادته وصحته البدنية والنفسية ورفاهيته أيضا.
وإذا أخذنا الرياض نموذجا، فقد سعت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض إلى تحقيق هذا المطلب الحضري. لكن لا تزال هذه الجهود تحتاج إلى دفعة أكبر.
ومن الممكن أن تصبح الرياض نموذجا للمدن الأخرى، بحكم أن وجود الهيئة العليا، يمثل أحد المحفزات التي يمكنها تحقيق هذا المطلب. ولا شك أن هناك مبادرات شهدتها الرياض وجدة وعسير وسواها تتمثل في تخصيص أرصفة للمشاة، لكن الطموح الأكبر أن تغدو كل الأرصفة صديقة للمشاة، إذ لا يمكن أبدا أن يستمر حال الأرصفة في مدننا خاضعا لأمزجة صاحب هذا المحل أو ذاك، فتراها ترتفع وتنخفض وتغلق هنا وهناك.
وهذا الأمر يجعل تجربة المشي في غير الأماكن المخصصة للمشي مخاطرة وعناء بالنسبة للشخص القادر، فما بالك بالشخص الذي يتوكأ على عصا أو يستخدم عجلة تساعده على التنقل بحكم أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة.
جمال الرؤية أنها تخوض في هذه التفاصيل، وهي ترى أن عادة المشي ينبغي أن تسود في المجتمع، وأن الممارسات الصحية والحضارية والثقافية والفنية ينبغي أن تكون حاضرة من أجل أن تحقق السعادة والرفاه للإنسان. لقد أصبحت الرؤية هي السقف الذي يمكن الاحتجاج به على كل القطاعات الحكومية، ومن هنا فإننا نعول على أن تبادر أمانات المناطق إلى تأهيل المدن وتهيئتها بحيث تصبح شوارعها وأرصفتها حاضنة ومحفزة للناس للمشي والاستغناء عن الاعتماد الكامل على السيارة.