«مهايطية» السيول
في مثل هذه الأجواء الماطرة التي تنعم بها غالبية المدن والمناطق السعودية يظهر كثير من مظاهر "الهياط"، عبر مغامرات طائشة ومتهورة يقوم بها البعض، تكمن في المخاطرة بعبور السيول أو السباحة في بطون الأودية، والغاية لا تتجاوز بعضا من صرخات المتجمهرين ونيل أوصاف بائسة يفتقدها الشخص المهايطي مثل: «كفو.. يا قوي.. يا وحش..» والنهاية غرق واستجداء وطلب تدخل الدفاع المدني ــ المذموم دوما من قبل هؤلاء.
الدفاع المدني يحذر ويطلب من المواطنين المكوث في المنازل، والتعليم يعطل مسيرة الدراسة ويعلقها خوفا على حياتنا، ولكننا لا نعبأ بذلك ونخرج في الطرقات ومطاردات السيول والبحث عن مجاريها، ويزيد بعضنا من "المهايطية" بالمغامرات الطائشة، وعندما يحتجز أحدنا أو تحاصره السيول نبدأ في الصراخ: أين الدفاع المدني.. ما هذا الإهمال..؟ وعندما تزهق الأرواح نتيجة لتلك المغامرات نبدأ في ذم الدفاع المدني، وهو الذي حذرنا في البداية ونتهمه بالإهمال، ونكيل عليه من الشتائم ما الله به عليم.
المغامرون ليسوا في الغالب من المراهقين وصغار السن، فهناك كثير من كبار السن الذين لا يغامرون بأنفسهم فقط، بل نشهد ــ كما يظهره لنا كثير من المقاطع ــ أن هناك من أولياء الأمور من يغامر بنفسه وبأطفاله ويعرضهم للخطر، وكأنه لا يدرك ما يفعل و"مرفوع عنه القلم".
لا نرفض النزهة في أجواء جميلة تمنحها لنا الأمطار والسيول، ولكن يجب أن نحذر ونخرج في الوقت المناسب عندما يبدأ الطقس في الهدوء وتخف التحذيرات، وألا نخاطر بأنفسنا لعبور مجاري السيول ونعرض حياتنا وحياة أبنائنا للمخاطر التي قد ينتج عنها وفيات ــ لا سمح الله.
لا أدري كيف نمنع هؤلاء المهايطية من القيام بتلك الأفعال الطائشة.. ولكني أجزم أن الإرشاد معهم لا يجدي ولا ينفع، فالتحذيرات تتم في كل عام، ولكنهم لا يتورعون عن تكرار مغامراتهم، وأعتقد أنهم بحاجة إلى عقوبات تردعهم وتمنعهم من تكرار مغامراتهم.
مثلا.. عندما يتم إنقاذ شخص "مهايطي" عبر مجرى السيل وعرض حياته للخطر، لماذا لا يتم إيداعه السجن لفترة معينة وألا يتم الإفراج عنه إلا بعد أن يدفع غرامة مالية مرهقة، وإن كرر الفعلة مرة أخرى تتم مضاعفة العقوبات حتى يرتدع.