تأنيث متاجر الذهب .. والفرص الواعدة
أول مرة قرأت عن عزم وزارة العمل تأنيث محال الذهب والمجوهرات كان في عام 2007 ومنذ تلك السنوات والقرار يتأجل من عام إلى عام، دون أن نعرف ما مبررات هذا التأجيل، رغم وجود 400 ألف فتاة عاطلة يحلمن بقيادة هذا القطاع كما هو مثبت في الإحصائيات الرسمية.
تقول لغة الأرقام إن قطاع الذهب من أهم القطاعات النشطة في سوق المال، وتعد المملكة في المركز الثالث عالميا والأولى عربيا باستثمارات تقدر بـ 14 مليار دولار، فيما تؤكد الأرقام الصادرة من الغرف التجارية حسب التقارير المنشورة أن هناك ما يزيد على 7000 متجر ذهب ومجوهرات و300 مصنع ذهب تتوزع على مناطق المملكة، يعمل فيها أكثر من 20 ألف وافد معدلات رواتبهم من ستة آلاف إلى 18 ألف ريال، وهذه الرواتب يتقاضاها وافدون وليس سعوديين!
هذه الإحصائيات التي يجب أن يطلع عليها مسؤولو وزارة العمل تؤكد أن قطاع الذهب والمجوهرات منجم غني بفرص العمل، ومن المؤسف حقا أن هذه الفرص ما زالت بعيدة تماما عن مهارات المرأة السعودية.
والمنطق يقول إن العمل في قطاع الذهب يتناسب مع اهتمامات المرأة وميولها وقدراتها الذهنية أكثر من الرجل، وغالبية المتسوقات هن من النساء أيضا وهذا يسهم في توفير أجواء ملائمة للشراء والبيع والتفاوض بعيدا عن الحرج الذي يصاحب المتعاملات مع الرجال.
لا شك أن قرارا كهذا سيوجد مقاومة كبيرة ورفضا وتعنتا وشكوكا وغيرها، وهو أمر طبيعي، كما يحصل مع غالبية القرارات التي تتعارض مع المصالح الخاصة، لكن علينا أن نتذكر التجربة الناجحة جدا لوزارة العمل مع تأنيث محال الملابس النسائية، التي نجحت في إزاحة 300 ألف وافد وتوظيف 300 ألف فتاة سعودية، وبفضل هذه التجربة تحولت فتيات من عالم البطالة، والفقر، والحرمان، ومطاردة الجمعيات الخيرية، إلى فتيات منتجات مستغنيات عن جميع أشكال الدعم الخيري.
وأتمنى ألا تتوقف طموحات الوزارة عند هذه التجربة اليتيمة في ظل ارتفاع تحديات البطالة، التي تؤكد مصلحة الإحصاءات الرسمية أن البطالة في أوساط الفتيات تشكل 33 في المائة حاليا ويرتفع الرقم سنويا بمعدل 10 في المائة، أي أن هناك 48 ألف خريجة جامعية سنويا تضاف إلى قوائم الباحثات عن عمل، وخلال ثماني سنوات سيكون لدينا مليون ونصف المليون فتاة يبحثن أيضا عن فرص عمل.
تستطيع وزارة العمل أن تستفيد من الكليات التقنية للبنات والمعاهد الأهلية في تصميم برامج تدريبية سريعة لتأهيل الراغبات في قطاع الذهب والمجوهرات ومن ثم تمضي في تطبيق برنامج التوطين بثقة وثبات، كما فعلت مع تأنيث محال الملابس النسائية.
ولا أظن الأمر يحتمل مزيدا من التأجيل، فمصلحة الوطن فوق كل اعتبار.