إفريقيا نحو مصادر مستدامة من الطاقة

على الرغم من مرور عقد من الزمان على ارتفاع النمو الاقتصادي في معظم أنحاء جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، من خلال الصادرات الاستخراجية ومليارات الدولارات من الاستثمارات الداخلية، لا تزال إفريقيا تكافح من أجل التوصل إلى حلول لقضايا مثل الفقر وشبكات الكهرباء المتهالكة. لقد بنيت الطرق والمدارس والمستشفيات والمطارات، لكن البنية التحتية للطاقة والمرافق العامة لا تزال متخلفة. عجز السلطة يضر القدرة على الحد من الفقر، ويهدد رفع مستوى التعليم ويضر النمو الاقتصادي. والسؤال هو، هل يمكن لإفريقيا التعامل مع هذه التحديات في نفس الوقت الذي تتحرك فيه نحو مصادر مستدامة ومتجددة من الطاقة؟
هناك حاجة إلى مواجهة بعض الحقائق الداخلية والحقائق القاسية. وكما قال الرئيس الفرنسي هولاند في فرنسا في عام 2015، “إن العالم مدين بدين بيئي للقارة الإفريقية”. وتابع في بيان دقيق للغاية “على الرغم من أن إفريقيا ليست مسؤولة عن انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، إلا أنها تعاني عواقب تغير المناخ”، لا يحتاج الأمر إلى مختص في موضوع تغير المناخ للتأكد من أن إفريقيا تعاني بالفعل أثرا غير متناسب من تغير المناخ، فالأمثلة كثيرة، ومنها الفيضانات والجفاف والمجاعة.
لم تتسبب إفريقيا في تغير المناخ. لكن بعض مواطني القارة، يشعر بأن الذنب يقع على الكل بسبب السماح لبيع مواردها الطبيعية - وهو أمر امتد لعدة عقود - دون الإصرار على الاقتصاص العادل من المجتمع الدولي. لعله من الأفضل أن يكون الاتفاق أكثر مسؤولية مع العملاء الدوليين. فعندما تستثمر الشركة الصينية أو الأمريكية في إفريقيا في عام 2016، فمن المتوقع أن يكون ذلك بطريقة مستدامة، إذ يتوقع إيجاد فرص عمل للعمال المحليين، ما يساعد على إعداد مهارة القوى العاملة المحلية، وتكون بطريقة مسؤولة بيئيا.
أيضا على إفريقيا أن تستفيد وتتطور من خلال التبرعات الخيرية والمساعدات الدولية بالشكل الصحيح. فقد التزمت فرنسا بستة مليارات يورو بين عامي 2016 و2020 على وجه التحديد لتطوير حلول الطاقة المتجددة في إفريقيا. وقال الرئيس هولاند “إن مصادر الطاقة المتجددة هي طريق إفريقيا لتأمين الأمن”. والطاقة المتجددة قادرة على تحرير الملايين، وتحقيق خفض تكلفة الطاقة وضخ دفعة للاقتصادات الوطنية. وتستحق إفريقيا مثل هذه المساعدات لأنها الأكثر تضررا من تغير المناخ دون أن تكون المسببة له. والمجتمع الدولي يقر لإفريقيا هذا الدين البيئي، والصناديق الدولية التي يتم جمعها لمصادر الطاقة المتجددة الإفريقية هو تطور عادل ومناسب.
والتحدي المقبل هو كيفية استخدام الاستثمارات الأجنبية “سواء كانت مساعدة أو استثمارا خاصا من شركات أجنبية” للتأكد من أن كل دولار ينفق يذهب نحو البحث والتطوير والابتكار. فالشباب الأفارقة متطلعون إلى تحقيق أحلامهم، وهناك في جميع أنحاء إفريقيا في جنوب الصحراء الكبرى ملايين من الناس الذين تقل أعمارهم عن 25، الذين يريدون أن يصبحوا رجال أعمال. وهناك منظمات لا تعد ولا تحصى في إفريقيا التي تدفع بالفعل جدول الأعمال والابتكار في مجال الزراعة ومصادر الطاقة المتجددة والحلول الذكية التي تساعد على التخفيف من آثار تغير المناخ. ومن هذه المنظمات، منظمة “غورتا” التي تساعد رواد الأعمال الشباب على إيجاد حلول، مثل المحاصيل والتقنيات التي تحافظ على مستويات عالية من الرطوبة في التربة المقاومة للجفاف الجديد.
تلعب الحكومات في المنطقة دورا مهما وطنيا وإقليميا، حيث إن تطوير شبكة الكهرباء الإقليمية من شأنه الوصول إلى المجتمعات في جميع أنحاء القارة. ومع أن هذا قد يبدو كأنه تحد للبنية التحتية الضخمة، إلا أن الواقع هو أن إفريقيا لديها بالفعل القدرة على الابتعاد عن محطات توليد الكهرباء بالديزل إلى الغاز الطبيعي في غضون فترة قصيرة جدا من الزمن. فإذا تمكنت الحكومات وشركات التعدين من التعاون، يمكن أن يكون الغاز هو المغذي لمحطات الطاقة في غضون عامين، وهذا من شأنه المساهمة في الاقتصاد الوطني، وكذلك تقديم تمويل إضافي لتوسيع الشبكة الإقليمية. وبطبيعة الحال، هذا النوع من الأفكار يتطلب القيادة والتعاون الإقليمي.
على الحكومات أيضا القدرة على دعم أصحاب المشاريع المحلية مع الأفكار المبتكرة لتطوير حلول فعالة للطاقة لمواجهة التحديات المحلية. في أنجولا في عام 2014، أطلقت الحكومة صندوقا جديدا لرأس المال يسمى فوندو دي كابيتال دي ريسكو، أول صندوق للاستثمار المدعوم من الحكومة، وقد تم إعداده خصيصا لمساعدة الشركات المتنامية في أنجولا للتوسع في الأعمال التجارية، خاصة في مجالي الطاقة والزراعة. يعمل الصندوق أيضا كقناة لشراكة المستثمرين الأجانب مع الشركات الأنجولية، ما يجعل من الأسهل بكثير بالنسبة إلى الشركات الأجنبية الاستثمار في الطاقة المتجددة في أنجولا، وأسهل بكثير لنمو الشركات لتوسيع أعمالها.
من الواضح أن إفريقيا في مرحلة مهمة من التاريخ، حيث يقر العالم أنها على حق ويجب على المجتمع الدولي تقديم الأفضل لإفريقيا، في محاولة لوضع تصحيح الأخطاء التي تتعرض لها من قبل التصنيع. والمسؤولية تقع الآن على الأفارقة أنفسهم لاستخدام تلك الأموال بحكمة لدعم رواد الأعمال المحليين والمبدعين المتحمسين لإيجاد الحلول الإفريقية للتحديات الإفريقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي