رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


النقد والاستفزاز .. والخط الأحمر

يكثر الحديث هذه الأيام بين الزملاء كتاب الرأي حول العودة إلى أساليب النقد المؤدب الذي يؤدي الغرض بعيدا عن الاستفزاز والتهكم، الذي قد يأتي بنتائج عكسية.. ومن الزملاء الذين دعوا إلى هذا النهج الكاتب اليومي الزميل عبدالعزيز السويد، المعروف بنقده الصريح والقوي لكثير من الأعمال والمشاريع والخدمات، ما أسهم في إصلاح كثير من عيوبها، وتتلخص الدعوة التي من المؤمل أن يتفاعل معها الزملاء والزميلات من كتاب وكاتبات الشأن العام، في أن يكون النقد محكوما باستعمال المفردات التي تؤدي الغرض دون أن تجرح الجهة المعنية أو الشخص القائم عليها، ومن حسن الحظ أن اللغة العربية غنية بالمفردات التي تستطيع أن تقول ما تريد دون أن تلجأ إلى مفردات لا يستعملها إلا أهل الشوارع الخلفية حينما يختلفون لأي سبب من الأسباب.. ومقابل هذا الانضباط الذي ندعو إليه.. نريد من المسؤول أيضا في الجهات التي يوجه إليها النقد أن يلتزم بالبعد عن الاستفزاز في تصريحاته وإجاباته عن الأسئلة حول أي موضوع يمس الحياة اليومية لكل مواطن في هذا الوطن العزيز.. ولعل ما حدث خلال مناقشة موضوع فواتير المياه أخيرا يعتبر خير مثال على التجاوزات والاستفزاز الذي حدث من المسؤول ومن بعض الكتاب والإعلاميين أيضا.. ومن هنا نقول إن ميثاق شرف "حتى لو كان غير مكتوب" سيكون مفيدا في المرحلة الحالية التي تشهد فيها الساحة الإعلامية كثيرا من الاحتقان والتشنج.. والمتضرر هو المواطن الذي يقرأ يوميا ما لا يسره من تراشق بين المسؤول وبعض الكتاب والمغردين الذين يعتقدون أن إطلالتهم المختصرة غير مؤثرة، لكنها كمن يصب نقطة الزيت على النار، بل إن بعضها يُشعر بالغثيان وأنت تقرأها أو تسمع مقطعا منها، فكيف لا يخجل من يكتبها أو يبثها على الهواء؟!
وفي النهاية المتضرر الأكبر هو الوطن الذي تتأخر مسيرة الإصلاح والتنمية فيه، بسبب نقد يتعدى حدود اللياقة ويقابل باستفزاز مماثل، وفي وسط تلك "الهوشة" الإعلامية وبالذات في بعض البرامج التلفزيونية التي لو حدثت في الشارع لتوقف الناس لإنهاء تلك الملاسنة يضيع الوقار ويهتز العقل والعقال، ويبدو كل طرف يدافع عن نفسه بكل شراسة، وتضيع النتائج المرجوة من الحوار.
وأخيرا: لا أحد يدعو إلى إنهاء النقد، فهو أهم وسيلة للإصلاح، لكن ما ندعو إليه أن يكون مؤدبا وأن نضع خطا أحمر بين النقد البناء والاستفزاز والتهكم، بحيث لا يتجاوز هذا الخط المسؤول في أي مركز كان ولا الكاتب أو الإعلامي، وباختصار هي دعوة إلى الهدوء في حوارنا مع بعضنا، وإلى استعمال مفردات أفضل في هذا الحوار حتى نغسل ساحتنا الإعلامية من هذا الغثاء، الذي يضر بوحدة المجتمع في وقت تحتاج فيه بلادنا إلى مزيد من التلاحم وتقوية الوحدة الوطنية، لمواجهة التحديات والأخطار من جميع الاتجاهات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي