الدور السعودي الكبير لدعم الأشقاء وتوحيد كلمتهم
تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر، وفق الثوابت التي تربط العلاقات التاريخية العريقة العميقة بين الرياض والقاهرة، وأيضا وفق المتغيرات التي تركت آثارها على الساحة الآن ولفترة طويلة قادمة. والملك سلمان الذي يقود في الواقع الحراك العربي المؤثر، بعد سنوات ليست قصيرة ضاعت خلالها بوصلة الحراك، أو اختلطت فيها التوجهات، يقوم بهذه الزيارة كقائد لبلد يمثل المحور العربي الراهن، إلى بلد محوري أيضا، لا يزال يعيش تبعات التغييرات التاريخية التي ألمت به، وهذا أمر طبيعي. من المستحيل أن تمضي الأمور بهدوء، في حين أن المتغيرات المشار إليها كانت عاصفة وقوية ودافعة. في ظل هذه الأجواء التي سادت في الواقع عددا من البلدان العربية، كانت أنظار شعوب هذه البلدان تنظر إلى المملكة، لتحقيق أفضل نتائج ممكنة للتغييرات، تصب في المصلحة العامة.
السعودية كانت في كل الأحوال مساندة للشقيقة مصر. فهي في الواقع تنظر إلى مصر "وغيرها من الدول العربية" من خلال شعبها، لأنه الأبقى والأحق في كل ما هو خير. ومصر التي تعاني أزمات اقتصادية "بعضها أيضا تاريخي" تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الدور السعودي المتعاظم، والأكبر على الساحة العربية. ولأنها كذلك، تنطلق السعودية لدعم البلاد بعيدا عن الاعتبارات السياسية المباشرة وغير المباشرة. فهي "أي السعودية" تسعى وتدفع في اتجاه أن تصل مصر إلى المستوى الذي يضمن لها الاستدامة في كل شيء، وعلى جميع الأصعدة، وفق أسس واقعية، تضع دائما مصلحة المصريين كلهم في المقدمة. إنه موقف سعودي قديم متجدد، في مجال التعاطي مع البلدان العربية، ولا سيما تلك التي تمر بمراحل انتقالية فرضتها متغيرات هنا وأخرى هناك.
ودائما ما انعكست طبيعة العلاقة بين السعودية ومصر على الوضع العام في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط. فالأدوار المحورية لها آثارها الآنية والمستقبلية. ولذلك كان ضروريا أن تصل العلاقة بين الرياض والقاهرة إلى المستويات التي تكفل إضافة حل جديد أو انفراج ضروري لهذه المسألة أو تلك. وفي النهاية تدعم هذه العلاقة العريقة العميقة المصالح المشتركة للبلدين، لكنها في الوقت نفسه تدعم أيضا كل المحاولات الساعية إلى احتواء مشكلات المنطقة، ولا سيما في ظل العدوان السافر الذي تتعرض له المنطقة العربية من خارجها، وتحديدا عدوان إيران في غير بلد عربي. لكل بلد عربي "مهما كان موقعه" مسؤولية كبرى في هذا المجال، ومصر ليست بلدا هامشيا، ولم تكن في الواقع كذلك على مر التاريخ. من هنا، فإن أي دفع باتجاه تمتين آخر للعلاقة مع بلد محوري كالمملكة، يضيف قوة جديدة أخرى في مجال معالجة القضايا الإقليمية، ويوضح المواقف المختلفة حتى بين الطرفين الرئيسين.
أما على الصعيد الثنائي المباشر، لم توفر السعودية مجالا إلا وقدمت من خلاله ما تحتاج إليه مصر من دعم. كما أنها تدفع باتجاه رفع مستوى الحضور الاقتصادي السعودي في مصر في كل القطاعات، سواء عن طريق الشراكات المرتبطة بالحكومة أو القطاع الخاص. إن زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر، ستضيف مزيدا من الوقود للعلاقة المتميزة أصلا بين البلدين، وستحدد آفاقا جديدة للتعاطي الثنائي مع القضايا التي تهم البلدين مباشرة، وتلك التي تشمل المنطقة كلها، بل المناطق الحساسة في العالم أيضا. دون أن ننسى طبعا، أهميتها في مواجهة المخططات التي تستهدف الأمة العربية، من جهات أرادت أن تنتهج سياسة التخريب ونشر الضلال والفوضى، لأسباب يعرفها الجميع.