نملة تتحدى
وتتفوق على قدرات البشر بما منحه الله لها من قدرات خارقة مقارنة بضآلة حجمها، تعمل بصمت تدب على الأرض بخفة لا تكاد تشعر بها ما لم تلسعك فتحاول التخلص منها بشتى الطرق معتقدا أنها أحد أعدائك بينما وجودها قد يكون أحد أسباب بقائك واستدامة الأرض إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا!
هي معجزة في تكوينها وفي طريقة عيشها التي تعلمنا منها الكثير خصوصا هندسة المباني والمواصلات، أما اليوم فتبهرنا بقدرتها على حل مشكلة من أعظم مشكلات البيئة فبإمكانها تخليص الأرض من الاحتباس الحراري الذي شغل العالم بأسره وأقيمت من أجله البحوث والمنتديات!
توصل البروفيسور رونالد دورن من جامعة أريزونا في بحث حديث نشرت نتائجه أخيرا في المجلة العلمية، إلى أن النمل يزيل ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وبذلك يمكن أن يكون مفتاحا لحل تغير المناخ! هذا المخلوق الصغير الذي لا تتجاوز فترة حياته الثلاثة أشهر وبدأت أعداده في التكاثر قبل 65 مليون عام! ويعمل في مجموعات هائلة وفق إيقاع منتظم، أسهم في إزالة كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي وغيّر البيئة!
ويقوم بهذا العمل نوع محدد من النمل يطلق عليه "نمل الطقس"، الذي ينتج كربونات الكالسيوم "الحجر الجيري" الذي يعمل بدوره على إزالة كميات من غاز ثاني أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
ويقول البروفيسور رونالد دورن إنه دفن كمية من الرمال في ستة مواقع في الجبال بين الصخور في ولاية تكساس، قبل 25 عاما. وكان كل خمس سنوات، يقوم بقياس مدى تحلل المعادن في الرمال، واكتشف أن النمل لديه القدرة على كسر المعادن ما بين 50 إلى 300 مرة أسرع من الرمال على الأرض المكشوفة! ليحصل منها على معدني (الكالسيوم والمغنيسيوم) ليحولها إلى الحجر الجيري، إما داخل جسده وإما خارجه عندما يلعق النمل حبيبات الرمل ليضعها على جدران أعشاشه، أو يمكن إنشاء الحجر الجيري من البكتيريا في القناة الهضمية لهذه الحشرات قبل إفرازه.
كما أن النمل الأبيض (الأرضة) المخرب في البيوت والمنشآت يعتبر نعمة في الصحاري والمناطق القاحلة من إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، حيث تتحول التلال الصغيرة التي يبنيها النمل الأبيض إلى مخازن للمغذيات والرطوبة، وبفضل القنوات المتشعبة والفجوات المحفورة في داخلها يمكن للمياه أن تدخل بشكل أفضل في الأرض فتنمو النباتات في محيط بيوت هذا النوع من الحشرات!