الالتزام بالقيم والرسالة

على غرار مفهوم باب النجار المخلوع، نجد عديدا من الممارسات التي تحذر منها جهات مختصة، تنتشر في مراكزها ومقارها وإداراتها. يعني مثل هذا السلوك انتفاء الإيمان بالقيم والرسالة التي تحاول القطاعات أن تنشرها بين الناس. هنا يقع عديد من المخالفات.
وجود الإسراف في الجهات التي تحث على الترشيد، وسلوك الموظفين غير المحترف لدى جهات تطالب بالاحترافية جزء من مشكلات نعيشها بسبب انخفاض الوعي الإداري بأهمية أن نكون قدوة حين يتعلق الأمر بما يخص الجهات التي نمثلها. يمكن أن يشاهد الواحد منا الكثير من النماذج.
واحد من هذه النماذج هو نسبة التدخين بين الأطباء، وهو أمر له علاقة بالنواحي النفسية والاجتماعية، لكنه يتعلق كذلك بالاحترافية والمهنية والارتباط بمجال يحارب التدخين، بل يكتشف كل يوم خطورته على الإنسان. أجدها فرصة لمطالبة الطبيب بالكف عن التدخين أمام من يثقون بقدراته العملية كونهم يعتبرونه مثالا، وهو نفسه يتمنى أن يقلع عن هذه العادة السيئة.
ثم إنه لا بد أن أحيي الخطوة التي أقدمت عليها وزارة الصحة بمنع آلات بيع المشروبات الغازية والحلويات والوجبات السريعة في مستشفياتها، لن أقول إنه قرار جاء متأخرا لأنه لم يكن منه بد منذ وقت طويل. لكن أن تأتي متأخرا فهذا يعني أنك تتعامل مع الأخطاء السابقة باحترافية وليس بأسلوب "طمام المرحوم".
هذه الخطوة أعتبرها بداية لتصحيح كل الممارسات التي قد تكون بعيدة عن المهنية سواء في وزارة الصحة أو الوزارات الأخرى. قدرة الجهات على مراقبة ما يحدث داخلها وربط ذلك بمهمة واهتمامات الجهة أمر مهم، وجزء من عملية النقد الذاتي المستمرة وهي ما تحتاج إليه كل الجهات.
كما أن التوجه للداخل مطلوب الآن، للبحث في أي سلوكيات لا تتماشى مع العرف الطبي، والتخلص منها لتكون وزارة الصحة مثالا تقتدي به كل الجهات في الاحترافية في المنظر والمخبر. نظافة المستشفيات والدقة في محاسبة الشركات المتعاقدة مع الوزارة جزء من تطبيق مفاهيم الصحة العامة.
يمكن أن أضع بين يدي الوزارة عددا من الأمور المهمة التي تحتاج إلى مراجعة واهتمام، لكنني واثق بأن قرار تقنين المبيعات في المستشفيات هو بداية لمجموعة من القرارات التي ستضع الصحة في مركز متقدم في تطبيق قيمها ورسالتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي