انضباط الشباب

لعل أغرب الإحصائيات هي تلك التي تأتي على شكل تغليب أمر معين بطريقة غير قابلة للتصديق. هناك الكثير من الجهات التي تعمل على تقديم المعلومات الرقمية لتسهيل قراءتها والتفاعل مع متطلبات العالم الرقمي. تخسر هذه الجهات مصداقيتها بسبب ضعف أسس وأساليب البحث عن المعلومة ومراجعتها وتقديمها للمستفيد.
تعاني أغلب مؤسسات الإحصاء والتنبؤ في عالمنا العربي هذه الإشكالية، ذلك أن وسائل رصد المعلومات ومصادر السبر واختيار وتحليل العينات التي تبنى عليها عملياتها الإحصائية غير موثوقة. تتركز الأسباب في اختلال بيئة جمع المعلومات وعدم تحمل أعباء البحث والاستقصاء إما لأسباب مادية أو إجرائية.
يمكن أن يعتبر كثيرون هذه المقدمة محاولة لتبرير موقف أو معلومات تقدمها جهة إحصائية معينة. الواقع أنني أبحث عن العكس، فعمليات البحث التي لا تبنى على طرق علمية أصيلة، لن نستفيد منها، بل يمكن أن تقود عمليات التنمية والخدمات في الاتجاه الخاطئ، لأن الأهداف التي تبنى عليها تكون غير ذات قيمة بسبب الخداع الرقمي المصاحب لمخرجاتها.
قرأت إحصائية قدمتها إحدى الجهات البحثية التابعة لجامعة سعودية عريقة تتحدث عن ارتفاع كفاءة أداء الشباب السعودي من الجنسين في مجالات العمل بنسب عالية تصل إلى 90 في المائة. هذه الإحصائية التي بنيت على معلومات غير دقيقة ستؤدي إلى ضرر كبير إن تبنتها جهات التوظيف أو التدريب.
إن الحديث المتداول في أغلب مكونات القطاعين العام والخاص ينعت الشباب بانخفاض الإحساس بالمسؤولية، ويشكو من تدني مخرجات التعليم والتدريب مقارنة باحتياج السوق. بل إن كثيرا من الشباب لا يتحملون أكثر من سنة من العمل في بعض شركات القطاع الخاص وهذه عايشتها أنا شخصيا.
بعيدا عن شكاوى انخفاض الدخل وانعدام التزام الشركات بنسب سعودة في المراكز القيادية، نتحدث عن جهات تقدم رواتب مجزية وتمنح الفرصة للترقي للجميع ومع ذلك لا نجد فيها تلك النسبة العالية.
هذه الحقيقة عايشتها أكثر من مرة وفي أكثر من موقع وهي نتيجة تراكمات كثيرة منها ما هو تربوي أو ثقافي أو مجتمعي، لهذا أستطيع أن أجزم أن العينة التي اختارها الباحث قد تكون غير مناسبة أو موجودة في موقع غير ممثل لسوق العمل الحقيقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي