«الصحة» و«الإسكان» .. في القائمة الحمراء إلكترونيا
من أصل 117 مؤسسة حكومية شملها مؤشر تصنيف أداء الخدمات الحكومية الإلكترونية المقدمة للمستفيدين، لدينا 54 في المائة من الجهات الحكومية في القائمة "الحمراء"، ونحو 63 جهة حكومية، ذات مستوى متدن في الخدمات الإلكترونية. وهذه نتيجة غير مرضية بالتأكيد وذلك بعد أكثر من عشر سنوات من إطلاق برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية (يسر)، وعلى الأمر السامي الكريم القاضي بوضع خطة لتقديم الخدمات والمعاملات الحكومية إلكترونيا، وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذها. وتنص رؤية المملكة العربية السعودية في مجال التعاملات الإلكترونية الحكومية على "تمكين الجميع من استخدام خدمات حكومية فعالة بطريقة آمنة ومتكاملة وسهلة عبر قنوات إلكترونية متعددة" وجاءت الخطة الاستراتيجية الثانية بتحديد ثلاثة عوامل حاسمة لإنجاح الخطة وهي (1) تأهيل الموارد البشرية اللازمة وممارسات التواصل الأساسية. (2) قيام الجهات الحكومية بقيادة منظومة التعاملات الإلكترونية الحكومية من خلال أخذ زمام المبادرة. (3) قياس التقدم المحرز دوريا. وبما أن هناك أكثر من نصف الجهات الحكومية التي شملها المؤشر لم تزل في الفئة الحمراء وهي فئة أقل من مرضية، فإن هناك حتما خللا في إحدى هذه النقاط الثلاث المشار إليها في الخطة. لعل أهم عنصر من حيث التأثير هو عدم قيام هذه الجهات المصنفة ضمن فئة غير مرض، لم يكن لديها مبادرة حقيقية نحو التعاملات الإلكترونية، لكن الأكثر أهمية على الإطلاق هو أن عدم وجود مثل هذه المبادرات سيكون له أثر هائل في تأهيل الموارد البشرية اللازمة. وبذلك فإن الأفق لم يزل ضيقا أمام فرصة عديد من الجهات الحكومية نحو التحول للمعاملات الإلكترونية إذا استمر الحال هكذا، فعدم وجود مبادرة حقيقية يؤدي إلى عدم وجود مؤهلين، وهذا بدوره يقلل فرص وجود مبادرة في المستقبل.
لكن من الملاحظ في الجهات التي ضمن الفئة الحمراء، أن وزارة المالية هي إحدى هذه الجهات، ووجه الغرابة هنا هو أن منبع فكرة التعاملات الإلكترونية (يسر) جاء من وزارة المالية، كما أن اللجنة العليا الإشرافية تتضمن عضوية وزير المالية، بل حتى اللجان الفرعية الأخرى تتضمن أعضاء من الوزارة، وهنا بيت القصيد فهل وزارة المالية ليست لديها مبادرات بهذا الشأن، خاصة أن النتائج المستهدفة من برنامج التعاملات الإلكترونية هي تخفيض تكلفة الخدمات الحكومية، وأيضا تقليص الازدواجية في الاستثمارات الحكومية في مجال التعاملات الإلكترونية، وهذا من أهم أهداف وزارة المالية، بل إن وزارة المالية تدعم الجهات الحكومية التي تتجه بقوة نحو التعاملات الإلكترونية وتخصص ميزانية لذلك. فهل وزارة المالية غير مبادرة في هذه الشأن أم أن تصنيف المؤشر يحتاج إلى مراجعة بشأن مدى حاجة كل وزارة للتعاملات الإلكترونية؟ فلا شك في أن وجود وزارة المالية في الفئة الحمراء يلقي بظلال واسعة على المؤشر أو على جدية البرنامج وأهمية نتائجه. فالمؤشر الذي تشرف عليه "يسر" لبرنامج التعاملات الإلكترونية، يصنف الجهات الحكومية إلى أربعة مستويات، وفقا لإنجازها في تحويل خدماتها إلى خدمات إلكترونية في مستويات النضج العالية وهي أربعة مستويات للنضج، الأول مجرد تقديم معلومات عن الخدمة من خلال القنوات الإلكترونية، والثاني تتيح الجهة للمستفيد تعبئة نموذج إلكتروني من خلال القنوات الإلكترونية، وإرساله بشكل إلكتروني إلى الجهة، ثم تطلب من المستفيد مراجعة الجهة الحكومية لإتمام إجراءات الخدمة والحصول عليها. والثالث التفاعل في اتجاهين من المستفيد إلى الجهة الحكومية، والعكس، إذ إن الجهة تتيح للمستفيد تعبئة النموذج إلكترونيا، ومن ثم إرساله إلى الجهة الحكومية، وتنفذ الجهة الخدمة بكامل إجراءاتها داخل الجهة حتى انتهاء تقديم الخدمة، دون حاجة المستفيد إلى مراجعة مقر الجهة، والرابع تضيف عددا من الخدمات التكاملية. وإذا كنا نفهم عدم قدرة وزارة المالية على تجاوز مستويات معينة نظرا لأن كثيرا من المعاملات هي معاملات مالية وتتضمن شيكات وأوامر مالية عدة وأوراقا ذات قيمة، فكيف نجد وزارة الصحة ووزارة الإسكان أنهما ضمن الفئة الحمراء وهما أهم جهتين يتعامل معهما المواطن؟ فهو أمر مقلق للغاية، خاصة أن وزارة الصحة ووزارة الإسكان من أكثر الوزارات جدلا هذه الأيام.