التعليم .. وضرورة عودة الاختبارات
خلال الأشهر الماضية تسرب الكثير من المعلومات في الوسط التعليمي حول قرارات كثيرة اتخذها وزير التعليم "الدكتور أحمد العيسى" وأخرى في طريقها للتنفيذ، وكانت معظم القرارات تصب بشكل واضح في مسار التصحيح للاجتهادات التي طبقتها وزارة التربية سابقا ولم تجد نجاحا في الميدان التربوي.
وقد قرأت ما نشر في معظم الصحف أن الوزير أمر بإغلاق "المدارس الليلية الأهلية" لضعف مخرجاتها، كما أمر بإلغاء الدوام الجزئي للمعلمات وإعادتهن للمدارس بدوام كامل، وهناك تسريبات متكررة حول إعادة نظام الاختبارات إلى المدارس بشكل قوي يماثل السابق، ويعيد الهيبة والانضباط والجدية إلى مدارس التعليم العام. والتي شهدت خلال السنوات السابقة فوضى عارمة، وتسيبا واضحا، ومخرجات في غاية الضعف لا تليق بطموحات دولة تدفع ثلث ميزانيتها في التعليم.
لقد جاءت التجارب التي أرادت "وزارة التربية" سابقا تطبيقها في تطوير مخرجات التعليم بنتائج عكسية تماما، وتحمل المعلمون والمعلمات أعباء الفشل، وسهام النقد، والحقيقة أن ما طبقته الوزارة فيما يسمى نظام التقويم المستمر "كان سببا رئيسا في ما وصل إليه طلاب وطالبات مدارسنا من ضعف واضح، وجهل فاضح لم يعد خافيا على أحد.
ولم يعد أمامنا من خيار سوى العودة إلى النظام القديم للاختبارات، والذي كان يقيم الطالب بشكل شهري، ويمنح كل ذي حق حقه من خلال التوزيع العادل للدرجات والتي تم تقسيمها للتفاعل والمشاركة داخل الفصل، وكذلك للواجبات المدرسية، وجزء آخر للاختبارات التي كانت تقام على فترات شهرية ونصفية، وكان الطلبة يحسبون لهذه الاختبارات ألف حساب ويبذلون أقصى الجهود للتنافس الحماسي والحصول على العلامات الكاملة، ولهذا تجد الطالب متعلقا بمادته الدراسية داخل الفصل وخارجه.
أما أنظمة اليوم في "التقويم المستمر" فقد اكتفت بتقييم عشوائي للطالب، وأصبح جميع الطلبة ناجحين بتقدير متفوق، ولم يعد الطالب يبذل جهدا لا في الفصل الدراسي ولا في المنزل فهو يعرف تماما أنه ناجح مسبقا، وقد أخرج لنا هذا النظام جيلا بائسا إتكاليا ضعيف المهارات ليس لديه استعداد لبذل أي جهد يرفع من مستواه أو يتعلم من خلاله ما يثري شخصيته، في تعارض تام مع رسالة المدرسة التي مناط بها بناء شخصية الطالب تربويا وعلميا.
وهذا الأمر يعرفه العاملون في الميدان التربوي دون استثناء، ويعرفه المسؤولون في الوزارة ونشر عنه الكثير في الصحف وتحدثت عنه تقارير كثيرة، ولكن لم يبادر مسؤول شجاع يضع حدا لهذا الضعف ويعيد لمدارسنا قيمتها وهيبتها العلمية المفقودة.
أتمنى فعلا من وزير التعليم وهو على ما قرأت لديه اطلاع بكثير من ملفات التعليم الشائكة أن يواصل قراراته التصحيحية، وأن تكون الأولوية لعودة الاختبارات بشكل قوي وشامل كما كانت في السابق، وليس عيبا أن نعود عن الخطأ، بل العيب الاستمرار في تكريس الخطأ نفسه الذي أخرج لنا جيلا يعاني الاتكالية والفشل وضعف المهارات.