رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


التمويل الإسلامي .. التنظيم المطلوب

شهدت السنوات الماضية تزايدا كبيرا في حراك التمويل الإسلامي، حتى إن البلدان الغربية أولت اهتماما كبيرا بهذا النوع من التمويل، في مقدمتها بريطانيا. وينتشر التمويل الإسلامي في ظل استمرار جانب من الاضطرابات الاقتصادية التي خلفتها الأزمة العالمية على الساحة، في حين أن بعض البلدان دخلت في طور التعافي، لكنها لم تلبث أن خرجت إلى نطاق بطء النمو؛ بل حتى الانكماش. الأزمة العالمية، أحدثت - بلا شك - تسارعا كبيرا في نمو التمويل الإسلامي وانتشاره؛ حيث يعد هذا النوع من التمويل أكثر أمانا من غيره. ففي الأزمات، يبحث المكتوون بنارها عن بدائل بصرف النظر عن أصلها، المهم أن تكون آمنة وأقل عرضة للمخاطر، ناهيك عن أن أولئك يفضلون التعاطي المالي وفق الأسس الشرعية الإسلامية النظيفة والواضحة جدا.
غير أن هذا التوجه نحو التمويل الإسلامي يحتاج إلى المزيد من التنظيم، ليس فقط للوصول به إلى مرحلة التمكين، بل أيضا لكي يكون متوائما مع الحراك الاقتصادي العام. فلا يمكن أن يكون التمويل الإسلامي خارج الدائرة الاقتصادية الكبرى، بل لن يسمح له بذلك. ولهذا السبب وغيره، تبقى المطالب الدائمة بأهمية إدخال الكثير من التنظيم على التمويل الإسلامي. يرى محمود محيي الدين نائب رئيس البنك الدولي، أن التنظيم المشار إليه سيؤدي حتما إلى تعديل الأنظمة الضريبية، وتقديم الحوافز الخاصة بالتمويل الإسلامي، للحصول على المزايا والنتائج. والحق أن تأكد التنظيم والتشريعات المحكمة بهذا الخصوص، يعود أساسا إلى حداثة هذا التمويل، مقارنة بغيره من الأنواع الأخرى، فضلا عن وجود جهل في الأسواق العالمية لطبيعته وغاياته.
وفي كل الأحوال، لا بد من إدخال تنظيمات جديدة متطورة تواكب الحراك الاقتصادي العالمي العام، خصوصا مع نمو أصول هذا التمويل إلى 1.3 تريليون دولار، بعد أن ارتفع في السنوات الخمس الماضية بمعدل 17 في المائة. وبالطبع معظم هذه الأصول في منطقة الشرق الأوسط والدول الإسلامية، ويعمل في هذا القطاع المتنامي أكثر من نصف مليون موظف. ولأن الأمر كذلك، فقد أقدمت عدة مصارف أجنبية في عدد من البلدان على استحداث التمويل الإسلامي، ليس فقط للحصول على حصة من هذا التمويل في السوق، بل أيضا لتلبية رغبات نسبة من عملائها الذين يمثلون أهمية لها كعملاء من الشريحة الادخارية العليا. ولأن الأمر بدأ ينتشر في أوساط المصارف غير الإسلامية، فقد زادت الأصوات الداعية إلى مزيد من التنظيم وتيرتها، مشددة على أن ذلك يصب أولا في مصلحة القطاع، وأن يتم ذلك في أسرع وقت ممكن.
التنظيم الضروري مع إدخال المزيد من التشريعات المساندة، يقود بصورة طبيعية إلى إخضاع التمويل الإسلامي للحوكمة، التي بدورها ستوفر المدى الأكبر لهذا التمويل، من خلال تقديم المزيد من الخدمات والمنتجات المصرفية والتمويلية المختلفة. ومما لا شك فيه أن هذا الطرح سيدفع حراك التمويل الإسلامي في المملكة إلى الأمام أكثر، حيث تتمتع السعودية بقوة كبرى في قطاعها المصرفي، بحيث احتل المركز الرابع من حيث القوة على المستوى العالمي، بعد أستراليا وكندا وسنغافورة. وهذه القوة المصرفية، ستضيف مزيدا من الثبات والتمكين للقطاع المصرفي الإسلامي في المملكة. المهم أن تكون التشريعات والقواعد التنظيمية تتمتع بالمرونة المطلوبة ضمن النظام المصرفي العام.
يوفر التمويل الإسلامي حول العالم، الكثير من الحلول لمن يسعى إلى التعاطي الشرعي ماليا. وهذا يمنح القطاع مزيدا من القوة على المدى البعيد، ليس فقط ضمن البلدان الإسلامية، بل أيضا في البلدان الأجنبية التي تعتمد على النظام المصرفي العالمي التقليدي. ومع تنظيم ومرونة أكثر، سيأخذ التمويل الإسلامي حصته التي يستحقها في فترة زمنية لن تكون طويلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي