ظاهرة الزحف في العطلات القصيرة
أجلت الكتابة في هذا الموضوع لعدة مرات حتى أُلمّ بأكبر قدر ممكن من المعلومات حوله.. وترددت كثيرا في تسميته "ظاهرة" لكني اقتنعت بذلك بعد إلقاء نظرة على صور المطارات ونقاط العبور البرية من بلادنا إلى البلدان المجاورة في جميع الاتجاهات.. بل أطلقت بلا تردد مصطلح "الزحف" على هذه الظاهرة التي تنفرد بها بلادنا على مستوى المنطقة التي نعيش فيها وربما على مستوى العالم، حيث لم يحزم الإنجليز حقائبهم للسفر في العطلات القصيرة إلى إسبانيا، وإنما يخططون ويضعون الميزانية المناسبة للسفر في العطلة السنوية الطويلة.. بعد هذه المقدمة أود التأكيد أنني لست ضد السفر وقضاء الإجازة خارج البلاد مرة كل عام، لكن هيستيريا السفر في الإجازات القصيرة حتى قيل إن عدد المسافرين في الأسبوع الماضي يقدر بنحو مليون سعودي معظمهم سافر إلى دول الجوار، فماذا بالله عليكم في تلك الدول وليس في بلادنا؟ بالطبع أنا تحدث عن السياحة العائلية التي تشكل النسبة الكبرى والأهم من المسافرين.. ماذا في البحرين ولا يوجد في الخبر؟ وماذا في دبي وليس في جدة؟ وماذا في الدوحة وليس في الرياض؟ الأسواق هي الأسواق والبحر موجود والفنادق والمطاعم.. قال أحدهم ذات مرة أريد أن أجلس مع زوجتي في مطعم ولا أحد يزعجنا وفهمت قصده آنذاك.. والآن أصبحت مطاعم الرياض وغيرها من المدن ملتقى العائلات دون أي إزعاج.. وقال آخر السينما هي سبب سفرنا لدول الجوار والآن أصبحت السينما في كل بيت ولم تعد حجة تشد لها الرحال.. وجاء السبب الثالث الذي أتعاطف معه كثيرا وهو التكلفة.. يقول أحدهم في الخبر السكن المناسب للعائلة يكلف 1500 ريال يوميا، وعلى الضفة المقابلة في البحرين لا يكلف أكثر من 600 ريال. ويسرد البعض أيضا مقارنات بين جدة ودبي والدوحة وتركيا والقاهرة.. ولا يتحدث هؤلاء عن تكلفة تذاكر السفر وغيرها من المصروفات، والأمن والأمان لو اتخذ قرارا بقضاء جميع الإجازات القصيرة في ربوع بلاده التي تملك من التنوع والطبيعة الجميلة والمختلفة الشيء الكثير، وبعد عرض الحالة ما الحلول.. التي قبل اقتراحها لا بد من الاستماع لأصحاب المؤسسات السياحية والفندقية، يقول أحدهم: الموسم السياحي لدينا لا يتعدى ثلاثة أشهر فإما حر شديد وأما برد قارس، فكيف نقارن بأماكن تعمل على مدار العام؟ وهذا الوصف قد ينطبق على الطائف أو أبها لكن جدة والخبر والرياض أصبحت أماكن جذب على مدار العام بهدف الأعمال والاستشفاء.. ناهيك عن مكة المكرمة والمدينة المنورة حيث العمرة المفتوحة التي أصبحت تعرف بالسياحة الدينية.
وأخيرا: كيف نوقف هذا الزحف ونقضي على هذه الظاهرة؟!
يقول أحد الزملاء لن أقضي إجازة في المملكة ما دامت التكاليف بهذا الشكل.. ويقول صديق عزيز يا أخي الإعلام يروج للسياحة في تركيا ودبي أكثر من حديثه عن الأماكن السياحية في بلادنا.. بل حتى الدعاة والمنشدين لا يسجلون أحاديثهم وأناشيدهم إلا في ربوع تركيا وعلى شواطئ البحر فيها، مع وجود شواطئ مماثلة في شرق بلادنا وغربها ومساحات خضراء في جنوبها وشمالها.. ويبقى اقتراح أن تعقد الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ندوة للعصف الذهني لدراسة الظاهرة وأسبابها واقتراح الحلول المناسبة لها لتحسين المرافق السياحية وخفض تكاليفها، كي نقضي إجازاتنا القصيرة في بلادنا.