دعم المشاريع الإبداعية
صدرت مقال الأمس بالحديث عن حرقة المثقفين والعلماء والمهتمين بمستقبل الوطن من نوعية من يحتلون الواجهة الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، أولئك الذين يفعلون الغريب أو يقولون الغريب أو يبدون غريبي الشكل. الغرابة هنا لا تعني الإيجابية بقدر ما تميل إلى السلبية.
السلبية هنا هي في تأثير هؤلاء في النشء وما يحدثه الاهتمام بهم من تحول كبير لدى الصغار ومتوسطي العمر بل حتى بعض من تجاوزوا سن المراهقة من تبني سلوكيات غريبة بحثاً عن الشهرة والحضور الإعلامي الذي يرون أن الآخرين حظوا به بسبب اختلافهم.
عندما تصبح أرقام المتابعين لشخصية غريبة أو مريبة أو مضحكة فلكية، فأثرها سيكون بالحجم نفسه في صغار السن. نظرية خاطئة بالطبع يرفضها العقل لكنها واقع نعيشه للأسف ونحتاج إلى تجاوزه بالوسائل العقلانية الممكنة.
قد يرى البعض أن نحظر من يسيئون للذوق العام، لكن هذا سيسبب مزيدا من المتابعة، ثم من هو الذي يستطيع أن يحدد ما يناسب الذوق العام بعد أن اختلف كل شيء بين جيلين مختلفي المفاهيم والأولويات والاهتمامات. فالحظر ليس الطريق الصحيح، إذا ما العمل للمحافظة على منطق وعقلانية أبنائنا وبناتنا؟
سؤال قد يجيب عليه ما تبنته الدول الأخرى قبلنا بعقود، وهو دعم البحث العلمي ومراكزه والهيئات المتخصصة والعناية بالمبدعين في كل المجالات. دعم مادي ومعنوي يمكن أن يحول الشخصيات الغريبة العجيبة التي يتابعها الكل إلى موقعها الطبيعي بعيدا عن التأثير في نشئنا واهتماماتهم.
يجب أن تعمل الجامعات بالقرب من المجتمع وتصبح جزءاً من عملية تحويل كبرى نحو دعم الإبداع. مراكز التربية والتعليم كالمدارس والجامعات هي المركز الذي يبدأ فيه تكوين الشخصية الإبداعية. قرب هذه المكونات من المجتمع ودعمها للمبدعين مهم بالتعاون مع الهيئات المهتمة بالإبداع والمبدعين.
أجمل الأمثلة هو تكريم الشباب والفتيات الذين حصلوا على جوائز عالمية في مجالات مختلفة، لهؤلاء لا بد من عملية منظمة تحتويهم وتعينهم وتدفع بهم للأمام. نعم يمكن أن نكون بيئات إبداعية تضم خدمات متكاملة لهؤلاء وأسرهم، بما يجعل منهم حالة إبداعية قابلة للانتشار.
بالمنظور نفسه يمكن دعم الشعراء والكتاب وأصحاب المهارات الخاصة والقدرات المتفوقة في مختلف المجالات وتبني مشاريعهم البحثية والإبداعية والصرف عليها لتصبح واقعاً يخدم الوطن ويتجاوز مجرد أسبوع أو أسبوعين من الاهتمام كل عام.