رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«كابسارك» في مركز متأخر .. لماذا؟

التطورات في مجالات الطاقة البديلة هي من أهم إن لم تكن أهم العوامل المؤثرة في الطلب على البترول وأسعاره مستقبلا. وأرى أنها أحد أسباب هبوط أو ضعف الطلب على النفط فأسعاره. ومن أشهر من اشتغل في هذا الموضوع توني سيبا Tony Seba، محاضر في جامعة ستانفورد، الذي ألف كتابا عنوانه: "تعطيل الطاقة والنقل النظيف" Clean Disruption of Energy and Transportation، وله مقطع فيديو عن الموضوع عنوانه:
Clean Disruption: Why Conventional Energy and Transportation will be Obsolete by 2030
https://www.youtube.com/watch?v=8xy1EDY7Ruw
خلاصة ما يراه توني أن التقنية في الطاقة البديلة ستنهي عصري الطاقة والنقل المعتمدين على البترول خلال بضعة عشر عاما. قد يرى كثيرون في كلامه مبالغة، لكنه في كل الأحوال يحوي علما وإشارات إنذار.
لدينا مركز أبحاث يفترض أن يكون مرجعا ومفتيا في هذا الموضوع وأمثاله. وهو مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية "كابسارك"، الذي أسس قبل بضع سنوات وافتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان قبل خمسة أسابيع تقريبا، ليكون صرحا لأبحاث اقتصاديات الطاقة والأفكار المتعلقة بها لخدمة الوطن والعالم. هذا كلام رئيس المركز لهذه الصحيفة في 20 يناير الماضي.
لكني أعتقد أنه لم يستطع في أن يسير ويتبع طريقا يحقق الهدف من تأسيسه. وطالما بقي وضعه كذلك، فسيستمر دون تقدم والثمن باهظ، لا أقصد تكاليف تشغيله، بل أبعد من ذلك، كما يفهم من مقدمة هذا المقال.
قد يقول قائل من أين لك هذا؟ أستند في الحكم إلى بنية وأداء المركز في ضوء تقييم معروف من خارجه.
أسس المركز ليكون صرحا لأبحاث اقتصاديات الطاقة. وعليه فاسم المركز غير مناسب، يفترض تغييره إلى مركز الملك عبدالله لدراسات الطاقة، أو نحو ذلك، أما البترول فأحد مصادر الطاقة. وتبعا ينبغي تغيير مرجعيته ومنهجية إدارته.
وحسب موقع "المركز"، يمثل البحث والتحليل في اقتصاديات الطاقة أهم مجال بحوث "المركز". وتبعا لذلك من المتوقع أن يكون الباحثون فيه، ليسوا فقط من الاقتصاديين، بل من كبارهم. وكلما أريد أن تكون المنظمة أعلى مستوى كان يفترض أن ينعكس ذلك على تخصص ومستوى رئيسها ومن يعمل فيها. ومعروف على المستوى العالمي أنه ينبغي أن يكون الجزء الأكبر من جهود رئيس أي جهاز بحثي أن يكون في مجال وطبيعة عمل المركز البحثي الذي يديره. ومن ثم يجب أن يكون متخصصا.. والمفترض هنا أن يضم "المركز" اقتصاديين كبارا لديهم خبرات طويلة وإسهامات معروفة على المستوى العالمي في اقتصاديات الطاقة.
أكثر دراساته دون التوقعات في طبيعتها وموضوعاتها. بعضها حول موضوعات قليلة الأهمية. وقلَّ أن تجد البحوث من نواحي الكم والكيف والمحتوى التي نراها في موضوعات أهم كالتي تتحدث عن تطورات مصادر الطاقة البديلة، وعن تأثيراتها في الطلب على النفط، وعن التطورات في اقتصاديات النفط الصخري، ونحو ذلك.

ما تقييم "كابسارك" عند الآخرين؟
الفكرة والتصور من تأسيس "كابسارك" كان عالي الطموح، لكن هناك من لا يرى إسهاماته بهذا المنظار. على الأقل منها واحد مشهور، وتقييمه متاح.
أظن أن برنامجThink Tanks and Civil Societies Program TTCSP هو أشهر برنامج على المستوى العالمي في تقييم مراكز الدراسات والبحوث. البرنامج غير ربحي في جامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا، أمريكا. ويعمل البرنامج على البحث والتصنيف ويملك قاعدة معلومات لنـحو ستة آلاف مركز دراسات وأبحاث في قرابة 200 دولة وإقليم شبه مستقل. ويصدر برنامج تي تي تقييما سنويا عنوانه Global Go To Think Tank Index Report. وقد صدر منه تقرير في 9 فبراير العام الماضي 2015.
كان تقييم البرنامج لـ"كابسارك" متأخرا جدا. في تقرير 2015 حصل "كابسارك" على ترتيب 71 من ضمن 74 مركز أبحاث ودراسات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا موزعة على دول كثيرة. يلفت الانتباه أنها تفوقت على "كابسارك" مراكز دراسات قدراتها وإمكاناتها متواضعة، أقل من قدرات وإمكانات "المركز" ولكنها حصلت على مراتب أفضل منه. بعضها نفقات تشغيله السنوية بضعة ملايين ريال، بينما نفقات تشغيل "كابسارك" تبلغ أكثر من 100 مليون ريال سنويا.
أنشئ مركز الملك عبدالله للدراسات البترولية بنفقات عالية لأهداف طموحة، لها صلة بأمننا الاقتصادي على المدى البعيد، لذا أرى أنه بإمكانه تقديم دراسات على مستوى عال تكون مرجعية عالمية، نعم باستطاعته تحقيق أهداف إنشائه إذا أحدث التعديلات المطلوبة في منهجية عمله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي