رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


غذاؤنا في أيد غير أمينة

تطالعنا وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي بين حين وآخر بمخالفات خطيرة على سلامة المواطنين والمقيمين في بلادنا، وتثير عديدا من التساؤلات. أول هذه التساؤلات، لماذا تستمر هذه الممارسات المتمثلة في بيع لحوم الحمير والكلاب والقطط في مطاعم المدن الكبرى والصغرى واستراحات المسافرين على الطرق السريعة على مدى العقود الثلاثة الماضية دون تغيير يذكر؟! لا أبالغ إذا ذكرت أن هذه الممارسات تتكرر في استراحات على الطرق السريعة أو في المطاعم في المدن الكبيرة دون استثناء! والسؤال: لماذا يستمر وضع المطاعم المتدهور الذي لا يخضع لأدنى معايير النظافة سواء بالنسبة للمكان بمكوناته أو العاملين في المطاعم؟ بعض العاملين في المطاعم أميون يأتون من بيئات فقيرة في بلدانهم، لذلك لا يتوافر لديهم الوعي بأهمية النظافة وأصول التعامل مع الغذاء، ويصبحون طباخين ومشرفين على المطاعم، وهم في أوضاع لا تتفق مع أصول هذه المهن من حيث ملابسهم أو نظافة أجسادهم. والمتأمل في هذه الأوضاع لا بد أن يستنتج أن الخلل موجود في الجهات الرقابية، وهي التي تتحمل المسؤولية كاملة لعدم متابعتها اليومية أو الأسبوعية وعدم تدقيقها في معايير الترخيص لهؤلاء الأشخاص للعمل في المطاعم وبيع الأغذية. لا أدري لماذا تستمر الأمانات في سبات عميق، ودون الرغبة في تحمل مسؤولياتها تجاه المجتمع؟! هل ينقص الأمانات الوعي بأن الغذاء مصدر الإصابة بالأمراض الخطيرة التي تكلف المجتمع كثيرا من المعاناة والتكاليف المادية الضخمة؟! وهل هذه الأمانات في برج عاجي لا تسمع ما يتداوله الناس من أن بعض المطاعم لا تلتزم بأصول ومعايير عمل المطاعم، وأن بعضها يضيف مواد وأدوية لوجباتها قد تكون ضارة بالصحة؟! والتساؤل الثاني يخص المزارع المنتجة لمحاصيل الخضار، لا ضير أن العمالة الوافدة تتولى مسؤولية إنتاج الخضار بكافة أنواعها، ولكن المعضلة أن معظم العاملين يجهلون أبجديات استخدام المبيدات من حيث الكميات المناسبة أو فترات التحريم لكل مبيد أو مادة كيماوية، وليس لديهم وعي بخطورتها على صحة الإنسان. ومع هذه المخاطر، تضخ هذه المزارع لأسواقنا كل صباح أنواعا من الخضار الملوثة بالمبيدات القاتلة دون الاهتمام الكافي من الجهات المسؤولة سواء أكانت الأمانات أم وزارة الزراعة! ولا يتطلب الأمر كثيرا من العناء لاكتشاف أن الجهات المسؤولة لا تعير هذا الموضوع اهتماما كافيا على مدى السنوات الماضية. فلا أدري هل هؤلاء المسؤولون يعتقدون أن لديهم حصانة من طائلة العقوبة والمسؤولية أمام المجتمع؟!
التساؤل الثالث عن إنتاج الحلويات الملوثة التي يقوم بصناعتها عمال وافدون في أماكن غير مخصصة لتصنيع هذه السلع، وللدلالة على وجودها أن الأمانات تكتشف بين سنة وأخرى مصنعا في أحد الأحياء الشعبية أو المنازل الطينية أو في مقر سكن العمالة أنفسهم. وأعتقد أن سبب انتشار هذه الظاهرة هو تهاون الأمانات عن أداء واجاباتها وعدم صرامتها في اتخاذ الإجراءات والعقوبات المناسبة، ليس في حق العمالة فقط، ولكن في حق محال بيع الحلوى التي لا تكترث، بل ربما تعرف مصدر الحلوى التي تبيعها لزبائنها!
في الختام أقترح إعادة هيكلة أقسام الأمانات المعنية بالغذاء، وتغيير المسؤولين "المحنطين" الذين تبلدت مشاعرهم تجاه خطورة الخلل في التعامل مع الغذاء، كما أنه من الضروري تدريب مجموعة من الشباب المؤهلين علميا ورفع مستوى أجورهم، لتولي المهمة بمسؤولية واقتدار؛ لأن الوضع الحالي لكثير من المطاعم لا يتناسب مع مكانة بلادنا ولا ما حققته من تقدم في شتى المجالات، وأهم من ذلك أنه يسهم في انتشار الأمراض في أفراد المجتمع، ويعطي صورة سلبية للزوار من كافة أرجاء العالم. ولا شك أن التأكد من سلامة الخضار في أسواقنا يتطلب إنشاء مختبرات مجهزة بأحدث التجهيزات أو التعاون مع المختبرات الموجودة في الجامعات ومراكز البحوث لفحص واختبار عينات من المنتجات الزراعية في الأسواق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي