سياسات نقل الكفالة ضد السعودة
نقل الكفالة تسمية غير رسمية بل شعبية لعملية انتقال الوافد، أي غير السعودي، من صاحب عمل إلى صاحب عمل آخر.
ما أساس الادعاء الوارد في العنوان؟
الأساس هو النظر إلى تأثير سياسة من السياسات العامة في اختيار صاحب العمل بين توظيف السعودي وغير السعودي. إذا عملت أو أسهمت سياسة من السياسات العامة على جعل صاحب العمل يفضل توظيف غير السعودي على السعودي، نقول عنها إنها سياسة مضادة للسعودة. هذا هو الميزان. ودرءا لسوء فهم البعض، الكلام ليس عن تفضيل صاحب العمل لأسباب لم تصنعها سياسات حكومية، بل عن تفضيل سببه أو أنشأته سياسات حكومية.
بناء على الشرح السابق، هل سياسات نقل الكفالة المتبعة حاليا تسهم في تفضيل صاحب العمل لتوظيف غير السعودي؟ لي أن أقول إن الجواب نعم.
كيف؟
هذا شأن يتفرع من موضوع أكبر وهو مدى الاستناد إلى نظام أجور يستند إلى السوق
market-based wage system. وهذا يعني حرية الانتقال من عمل إلى عمل والمسمى في تحليل اقتصاد العمل حركة العمل labor mobility.
التحليل الاقتصادي يبين أن آلية السوق هي أنسب طريقة لتوفير السلع والخدمات "غير العامة" للناس ومنها العمل. والسوق يرتب حلولا هيكلية طويلة الأمد.
ما الحاصل في سوق العمل السعودية؟
جزء كبير من آلية السوق في سوق العمل السعودية مهمش. القاعدة العامة أن العامل غير السعودي لا يستطيع تغيير عمله إلا بشيئين: موافقة صاحب العمل، ودفع رسوم ما يسمى نقل الكفالة. وأحيانا توجد تكاليف غير معلنة رسميا. ووجود حالات مستثناة لا يغير من القاعدة العامة.
السياسة السابقة لا تطبق على السعوديين، ولذا تسهم تلقائيا في تفضيل أصحاب العمل لتوظيف غير السعوديين. بعبارة أخرى، قيود تغيير صاحب العمل وتكاليفها المطبقة على غير السعوديين تدفع نحو استقرار غير السعودي، وهذا يقلل من تكلفة اليد العاملة على صاحب العمل. من المهم النظر إلى التكلفة بمعناها الشامل الواسع، والذي يشمل ضمن ما يشمل مدى قناعة صاحب العمل باستمرار الموظف في عمله عند صاحب العمل. والكلام على الوضع العام.
ما عمل من استبانات ومسوحات موجهة لأصحاب الأعمال خرجت بنتيجة واحدة: اليد العاملة المستَقدمة أقل تكلفة من اليد السعودية. ويجب فهم التكلفة بمعناها الشامل الواسع الذي لا يستند إلى الأجور وتوابعها فقط، بل يراعي أيضا عوامل الانضباط والاستمرار في الوظيفة وقلة الغياب والتأخر والأداء والجهد "الكرف" وغيرها من عوامل تهم أصحاب الأعمال. وهي السبب الأول في ميلهم غالبا نحو توظيف غير السعوديين.
نظام الإقامة يفرض تبعات وواجبات وقيودا على الوافد، تجعل توظيفه مغريا أكثر من توظيف السعودي إذا تساوت الكفاية والقدرة عند التوظيف. وكلما تدنى مستوى الوافد مهنيا وقلت مهاراته، انخفضت تكلفته مقارنة بالسعودي.
كفالة المؤسسات ساهمت في جلب عمالة متدنية المهارة. وتثبت تحليلات اقتصادية كثيرة وجود علاقة تأثير طردية بين مستوى مهارات القوى العاملة ونمو الاقتصاد وتطوره.
هناك عدة مقترحات تدفع نحو إعطاء آلية السوق قوة أعلى في توظيف السعوديين وغير السعوديين، ضمن حدود تحاول الجمع بين هذه الآلية والوضع القائم:
ــــ حرية الانتقال لعمل آخرlabor mobility للوافد بعد سنتين أو أربع (مثلا) من عمله عند صاحب العمل الأول، ومن ثم يحق للمؤسسات والشركات أن توظف غير سعوديين من السوق المحلية، دون حاجة إلى ما يسمى موافقة صاحب العمل على نقل الكفالة.
ــــ إلغاء رسوم انتقال الوافد من صاحب عمل إلى صاحب عمل آخر.
ــــ منح إقامة حرة وربما دائمة للبعض ضمن ضوابط واشتراطات ككون التأهيل مميزا.
ــــ تحديد سقف أو عدد كلي للتأشيرات الممنوحة سنويا.
ــــ قد ينظر في ربط ما يسمى الكفالة بهيئة عامة مسؤولة عن الاستقدام وشؤون الوافدين، تمثل القطاعين العام والخاص، ويوقف عمل تأشيرات وإقامات مباشرة للمؤسسات والشركات.
ــــ تقليل التأشيرات الجديدة للعمالة المتدنية المهارة.
ــــ تحديد حدود دنيا للأجور تطبق على الجميع سعوديين وغير سعوديين بصورة متماثلة.
الهدف النهائي من كل ما سبق المساعدة "أي أنها وحدها لا تكفي" على تحقيق ثلاثة: تقليل اعتمادنا على الغير، وحفز أصحاب الأعمال على توظيف السعوديين، واستقطاب الكفاءات غير السعودية.