رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«الشورى» .. والدراسات الميدانية

تعتبر قرارات مجلس الشورى، ولو أنها عبارة عن توصيات للجهات التنفيذية العليا، ذات تأثير في حياة المواطن اليومية .. ولذا أصبحت تتعرض لكثير من الأخذ والرد والمناقشات من ذوي الاختصاص بعد صدورها، ما يكشف كثيرا من الجوانب الإيجابية وأحيانا السلبية في تلك القرارات .. ولعل قرار المجلس الأخير حول تخفيض ساعات العمل وزيادة العطلة الأسبوعية في القطاع الخاص أوضح مثال على ذلك. ومعروف أن ساعات العمل والإنتاجية في بلادنا تعتبر قليلة مقارنة ببعض دول العالم، ومع ذلك تواصل المنظمات الدولية ضغوطها علينا لخفض ساعات العمل.. بينما نحن وفي ظل برنامج التحول الوطني نحتاج إلى كل ساعة عمل..
ولذا أقول إن مجلس الشورى يحتاج إلى وحدة للدراسات الميدانية لمعرفة تداعيات أي قرار قبل إصداره حيث لا يكون اتخاذ القرار معتمدا على التصويت فقط.. ولو قام المجلس بدراسة ميدانية معمقة لاتضح أن تخفيض ساعات العمل سيؤدي إلى الحاجة إلى مزيد من العمالة الوافدة وسيكلف حسب دراسة لمجلس الغرف السعودية (37) مليار ريال سنويا مقابل أجور إضافية لتسعة ملايين عامل وافد حيث سيعتبر أي تكليف بساعة عمل في اليوم السادس من الأسبوع عملا إضافيا وسيكون تأثير هذا القرار أخف على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي ربما أدى إلى إغلاق بعضها لو ترك لصاحب العمل الاتفاق مع العامل على توزيع ساعات العمل على أيام الأسبوع حسب طبيعة العمل .. فالمخابز والمطاعم والصيدليات لن تغلق أبوابها في اليوم السادس ودفع بدل خارج دوام سيزيد من تكاليف خدماتها على المستهلك، وتبقى الحجة الوحيدة للإصرار على هذا القرار هي دفع عجلة توطين الوظائف في القطاع الخاص إلى الأمام وهي حجة ضعيفة حيث يظل الدوام الفعلي أطول من دوام العمل في القطاع الحكومي، ولذا نجد أن كثيرا من الشباب يقبل بوظيفة في القطاع الخاص حتى يجد فرصة ولو على وظيفة مؤقتة وبراتب أقل في أي دائرة حكومية؛ معللا ذلك بالأمان الوظيفي وقلة ساعات العمل، ولو تم تفعيل ساعات العمل الحكومي لتصبح كما هي في القطاع الخاص ثماني ساعات كاملة يوميا مع تأكيد احترام عقود العمل في القطاع الخاص لأصبح هذا القطاع جذابا للشباب.
وأخيرا: بلادنا في مرحلة بناء وتنمية وتطوير، ونحتاج إلى كل ساعة عمل سواء في القطاعين العام أو الخاص، وإحلال المواطن في وظائف القطاع الخاص لن يتم بقرارات لا تقوم على نتائج دراسات ميدانية .. أما تخفيض ساعات العمل في القطاع الخاص فيمكن أن ينفذ بشيء من المرونة حيث لا تتم زيادة العطلة الأسبوعية التي ستكون في زيادتها زيادة في مصروفات الأجور، وكذلك المحاذير الاجتماعية التي يعرفها كل باحث اجتماعي في ظل وجود نحو عشرة ملايين عامل وافد قدموا للعمل والإنتاج الذي نطمح في زيادته مع التحول الوطني الشامل لجميع القطاعات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي