«سعفة» .. مبادرة حسنة
أعلنت جائزة الشفافية التابعة لمؤسسة "سعفة" أسماء الشركات الفائزة لعام 2015، قبل أسبوع تقريبا، وكانت مناصفة بين شركتي التعدين العربية السعودية "معادن" ومجموعة صافولا، وذلك وسط حضور مميز من المثقفين والكتاب والمسؤولين في مؤسسات القطاع العام ومنشآت القطاع الخاص، وأعقب الإعلان عن الفائزين فتح باب المناقشة حول الجائزة، وذلك بهدف تلمس مواطن التطوير ومواضع التحسين، مما يعكس سعة صدور المسؤولين والعاملين في هذه الجائزة، وانفتاح عقولهم على مجالات التطوير لتعظيم فائدة الجائزة وخدمتها للوطن، وعلى رأسهم الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالرحمن وأمين عام المؤسسة.
وتعد هذه الجائزة الوطنية إحدى مبادرات مؤسسة سعفة القدوة الحسنة الخيرية، التي منحت لأول مرة في عام 2008، وتهدف إلى تعزيز قيم وثقافة الشفافية، والنزاهة، والعدالة، والمساءلة في المجتمع وبيئات الأعمال في السعودية، كوسيلة لتعزيز النزاهة ومحاربة الفساد. وتمنح الجائزة لشركة أو مؤسسة تستحق أن تكون قدوة حسنة لبقية الشركات والمؤسسات، وذلك لتبنيها وتطبيقها معايير الشفافية والنزاهة والعدالة والمساءلة. ويعتمد اختيار الشركة الفائزة على معايير دقيقة من خلال لجنة مستقلة من المختصين في مجالات ذات صلة بموضوع الجائزة.
وبالنظر للجوائز الوطنية الأخرى على مستوى المملكة ودول الخليج، يتبين أن هذه الجائزة مميزة في موضوعها واهتمامها، حيث لا تتداخل مع الجوائز الأخرى، ولا تسعى للأضواء الإعلامية، بقدر ما تهدف إلى تحسين أداء الشركات وفق معايير النزاهة والشفافية والحوكمة.
وإلى جانب جائزة الشفافية لا بد من الإشارة إلى أن مؤسسة "سعفة" تتبنى عديدا من المبادرات والأنشطة الرائعة والمفيدة للمجتمع، ومنها: تنظيم عديد من ورش العمل التي تهدف إلى تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، وكذلك العمل على مشروع تعديل نظام المشتريات الحكومية، وإنشاء اللائحة الاسترشادية لحوكمة المؤسسات والجمعيات الخيرية.
وفي ضوء الحوار والنقاش الذي أعقب منح الجائزة بحضور المدعوين لحفل الجائزة، الذي عكس قدرا كبيرا من الشفافية تحلى بها فريق الجائزة ومنسوبيها، أود التأكيد على بعض النقاط التي قد تسهم في تطوير الجائزة وزيادة إسهامها في خدمة الوطن، ومن هذه المقترحات: أولا: أن تكون للجائزة فروع ثلاثة: فرع للشركات ومنشآت القطاع الخاص، وفرع للمؤسسات غير الربحية، وفرع ثالث للمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، ومن المناسب أن يقسم كل فرع من الفروع الثلاثة إلى ثلاث فئات "صغيرة ومتوسطة وكبيرة"، كي يكون هناك عدالة بين المنشآت الصغيرة والكبيرة. فعلى سبيل المثال، لا يمكن مساواة مؤسسة خيرية كبيرة تعمل على مستوى الوطن بأخرى صغيرة تقدم خدماتها لمجتمعها المحلي في بلدة أو منطقة صغيرة. وبالمثل يصعب مقارنة تقييم شركة عملاقة مثل "سابك" أو "أرامكو" بشركة صغيرة ناشئة. والقول نفسه ينطبق على مقارنة وزارة كبيرة بمؤسسة حكومية صغيرة. ثانيا: ينبغي أن تعلن المعايير المستخدمة في تقييم المؤسسات والشركات من أجل مساعدة الشركات على تحسين أوضاعها وتطوير أدائها في هذه المؤشرات أو المعايير المستخدمة في منح الجائزة. ثالثا: أقترح أن تبادر مؤسسة سعفة بإعداد مؤشر للشفافية والنزاهة في المملكة، يبدأ بتقييم "أكبر مائة" شركة تعمل على أرض السعودية ثم يتوسع في السنوات المقبلة لعدد أكبر. وأخيرا أعتقد أن جائزة الشفافية لم تأخذ نصيبها من التغطية الإعلامية، فهذه الجائزة تستحق الاحتفاء والتقدير لأهدافها الطموحة وتميزها في التركيز على موضوع في غاية الأهمية والحساسية.