اهتزاز مؤسسة الزواج
هناك عزوف عن الزواج، وأسباب ذلك في ظاهرها اقتصادية، كما تقول الدراسة التي أجرتها جامعة الملك عبد العزيز ونشرت جوانب منها صحيفة “الاقتصادية” أمس.
تشير الدراسة إلى أن 64 في المائة من العازفين عن الزواج، وفقا للعينة، أسبابهم في هذا الأمر مادية بحتة. وتتفاوت هذه الأسباب بين غلاء المهور وتكاليف حفلات الزفاف ... إلخ. ويمكن الرجوع إلى تفاصيل الدراسة في التقرير الذي كتبه للصحيفة الزميل عبد الله حامد من جدة.
لكن هل هذا السبب الوحيد لمسألة التأخر في الزواج التي يرى البعض أنها ترقى إلى مسألة الظاهرة؟
هناك دراسات اجتماعية ورسائل أكاديمية أخرى تؤكد أن ظاهرة العزوف عن الزواج أو حتى التأخر في اتخاذ قرار الزواج حتى ما بعد سن الثلاثين مرتبطة بمسائل تتعلق بالسعي لإتمام التعليم العالي، أو التطلع إلى تحقيق الاستقلال المادي الذي يتجاوز مرحلة الكفاف إلى الملاءة المالية التامة.
وهناك أسباب أخرى ينبغي عدم إغفالها، وتتعلق بالمحاكاة لما هو سائد في القرية الكونية العالمية. وقبل هذا وذاك، لا بد من استحضار الأسباب والأعباء الاجتماعية الأخرى، التي قد لا يطيقها الشاب.
وعندما نتحدث عن هذه الظاهرة، من الضروري استحضار المشهد الآخر بعد الزواج، المتمثل في طغيان حالات الطلاق الفعلي في كل مجتمعاتنا العربية، أو حتى الطلاق النفسي الذي يجعل الزوجين يعيشان في غربة عن بعضهما، ولكن وجود الأطفال يجبر العقلاء منهم على الاستمرار في زواج يسعى إلى التسامي عن المشكلات بين الزوجين، لتوفير حد أدنى من الكيان الأسري الذي يحقق للطفل الاستقرار المنشود.
إن الشيء الذي ينبغي الاعتراف به، أن مؤسسة الأسرة في مجتمعاتنا تواجه مأزقا يتطلب اهتماما وعناية من مختلف القطاعات.
وأكاد أقول إن جيل الشباب ذكورا وإناثا لديهم مشكلات عديدة، تحتاج إلى رؤى حصيفة تستطيع أن تستوعبهم، وأن تحتويهم بعيدا عن التعنت والتنطع الذي يمارسه بعض كبار السن. إن مخرجات صراع الأجيال ونتائجه أليمة، وأجزم أن بعض ضحايا “داعش” نتاج هذا الصراع والفصام وعدم الفهم أو التفاهم بين الجيلين.