الشأن النصراوي
يتعرض رؤساء الأندية الجماهيرية وذات الحضور القوي للنقد وذلك نتيجة الحرص الكبير من عشاق هذه الأندية على نيل البطولات والمنافسة عليها بقوة، معادلة رياضية بسيطة لا تعقيد فيها ومن الطبيعي أن يحول ذلك إلى مديح وتحفيز حين تتحقق هذه الغاية فيصبح العمل منصبا من الجميع على تلافي التفاصيل الدقيقة التي تحول دون كمال العمل، من يسر في هذا الطريق يجد أن النقد الذي يقدمه له صوت مسموع ويلتف العقلاء من حوله، لكن القضية في النصر تختلف فمحمد الدويش الذي سار عكس التيار عندما اعتلى ناديه المنصات بدأ صوته يغرد خارج السرب فبات يشغل محبي النادي ويقسمهم إلى مؤيد ومعارض وبكل تأكيد فالمحامي والشاعر والرياضي الكبير يدرك أبعاد التعاطي والتبعات للمسار الذي يسير فيه الآن، ولا شك في أننا لسنا بصدد تقييم رجل مختص مثله له نهجه وقامته التي صقلتها تجربته وقراءاته غير أن الهوى قد يكون مهلكا ويعرض صاحبة لمطبات هو في غنى عنها، ولذا حين تسأل عن النقد البناء تجد أن أهم صفاته تقديم الحلول مع تقديم الجانبين الإيجابي والسلبي كميزان لعدالة عين من يتحدث ويكتب عن أعمال من يتحدث عن شأنهم ، فالنقد حق مشاع وتقويم العمل من أساس العمل الإعلامي غير أن ما يتعرض له رئيس النصر لا يمكن أن يكون حقا دائما فالرجل أعاد الهيبة المفقودة وباتت لغة التحدي ملازمة لعشاق العالمي أينما حلوا، والانتكاسة التي يمر بها الفريق الآن بالرغم من أنه يتحمل جزءا منها كونه رأس الهرم الإداري لكنه لم يكن سلبيا حيالها فقد سعى لإحضار ظهيري جنب وكانا حين إعلان التوقيع معهما موضع ترحاب وإعجاب من الجميع لكن الفشل لم يكن ذنب فيصل بن تركي الذي تعاقد أيضا مع قلب دفاع في منطقة العمق ليكن داعما لعمر هوساوي غير أن الاختيار لم يوفق أيضا فالأسماء كانت كبيرة والجهد واضح فلا لوم عليه غير في فشل بعض صفقات ملف الأجانب قد يكون هناك خلل في بعض جوانب العمل فهل نسقطه جميعا، فمن كان محبا ساند محبه وقدم له يد العون ولا يمكن تصوير ما يكتب بأنه نصيحة أو خوف على الكيان فقد كتب الشافعي ـــ رضي الله عنه ـــ في كيف ينبغي إيصال النقد الهادف للطرف الآخر متى كان الحرص هو المحرك بقوله:
تعمدني بنصحك في انفرادي
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي
فلا تجـــزع إذا لم تعـــط طـــاعة
فالبعد عن المعلومة الصحيحة والسير مع أي هاتف يحملان خبرا يجعل الرجل حيرانا وقد يركب موجة الثأر للنفس ولا يستطيع أن يتمكن من السيطرة على انفعالاته في كل الأحوال، فالتقييم العقلاني للمرحلة التي يعيشها الكيان الأصفر تقول إنه جهد رجل أعاد النبض في شرايين كادت أن تفقد الحياة بمشاركة صادقة من بعض داعميه، ولكن هل المشهد الرياضي بقي على حاله فقد تغيرت أمورا وتبدلت أحوال ليس هذا موضع الحديث عنها فالزحزحة والانكسارات لها هزات ارتدادية ظهر بعض أثرها والآخر في الطريق فكيف للصامد في وجه الريح أن نلومه على أثر عواصفها؟
فلسفة الإعلام في الحضور الدائم والطاغي على حساب البقية قد يجعل ميزان التعامل مع الكيانات ذا ملامح تختلف على حسب كل مرحلة، فهل يرى من ينتقد كل شاردة وواردة أن الأمر يقف على قلمه أو أن صوته ما زال يملك تلك الكاريزما؟ فقد أتى زمن تسنم الإبداع فيه فرسان جدد وباتت الساحة ميدانا يحكمها المشجع الواعي الذي اكتسب ثقافته من مشارب عدة ولم تعد تنطلي عليه لعبة الأصوات أو تبادل الأدوار، فهل يعي أبو سليمان ذلك ويتخلى عن مسار خسر فيه الكثير ولم يعد يربح منه سوى الوصف بأنه ينتصر لشخصه ويترك المبادئ التي كثيرا ما كان يرددها ويكتب عنها ليفشل في تطبيقها في وقت خدمت وسائل التواصل الاجتماعي العقل النير في معرفة الكثير مما كانت الصحافة الورقية تخفيه، سيرحل الجميع وتبقى ذاكرة المشجع هي الحكم لكن هل سيجد النصر من يتحمل ويدفع كما رئيسه الحالي؟!