تأمين السيارة .. والارتفاعات غير المبررة
لغة الأرقام تقول كالآتي: قبل عام 2014 كانت قيمة بوليصة تأمين السيارة لا تتجاوز 590 ريالا، لكن في مع بداية عام 2015 حصلت قفزتان عاليتان في الأسعار: الأولى مع بداية عام 2015 عندما وصلت قيمة بوليصة تأمين السيارة إلى مبلغ 850 ريالا، والثانية بنهاية عام 2015 عندما وصلت قيمة بوليصة التأمين 1500 ريال.
هذه الزيادات الفلكية لا تشمل تأمين من هم أقل من 21 سنة. فتأمين من هم أقل من 21 سنة يتطلب دفع مبالغ إضافية تتجاوز في كثير من الحالات ألف ريال. كما أن أسعار بوليصة التأمين تزيد بشكل كبير في حالات تأمين سيارات النقل العمومي والشاحنات إلى غيرها من العوامل المؤثرة سلبا في زيادة سعر التكلفة التأمينية.
هذه الزيادات الفلكية تجعلنا نبكي على الشعار الذي بدأ مع بداية حملة التسويق لتأمين السيارة، الذي كان شعاره "ريال عن كل يوم" بمعنى أن تكلفة بوليصة التأمين كان قرابة 360 ريالا في السنة.
الأسوأ من كل هذه الزيادات أن تكلفة التأمين لا تغطي تكاليف إضافية وغير مرئية Hiding cost كتكاليف شحن السيارة وتكاليف استئجار السيارة البديلة وتكاليف قيمة تسعير تكلفة الإصلاح وغيرها. كما أن هناك ضعفا واضحا في التوعية بالحقوق التأمينية.
أعتقد أن المشكلة الحالية في تأمين السيارة ليست محصورة فقط في الارتفاعات غير المبررة أو التكاليف الأخرى غير المرئية، وإنما في كون تأمين السيارة لا يشجع على تحقيق السلامة. فمن المؤسف أنه لا توجد علاقة بين من لديه تأمين سيارة ولديه حوادث كثيرة وبين من لم يستفد من قيمة تأمين السيارة بسبب عدم الحاجة إلى ذلك نظرا لاتباعه قوانين السلامة المرورية. لذا فالتأمين بصورته الحالية لا يشجع على اتباع السلامة المرورية. بمعنى أنه من المفترض أن تكون هناك علاقة طردية بين زيادات الحوادث وتكلفة التأمين. فمن المفترض، أنه كلما زاد عدد الحوادث زدت التكلفة التأمينية. فتأمين السيارة مرتبط بصورة كبيرة بمدى التزام سائق المركبة بقواعد السلامة المرورية وقلة الحوادث. فمثلا أذكر أنه وقع لي حادث سير محدود الأثر عندما كنت في الولايات المتحدة وكان الخطأ على المركبة الأخرى، وكان قائد تلك المركبة لديه تأمين على المركبة لكنه أصر على أن يصلح الضرر الذي وقع على السيارة بشكل مباشر "كاش" دون الاتصال بشركة التأمين. وعندما سألته عن السبب أوضح أن بوليصة التأمين سترتفع بصورة أكبر من القيمة التي سيدفعها الآن بسبب محدودية أثر الحادث. لذا كان حريصا على بقاء سجله نظيفا ولو أدى ذلك إلى دفع تكلفة الإصلاح من جيبه الشخصي.
كما أني أعتقد أن سوء الطرق وعدم اتباعها قواعد السلامة المرورية أسهم بشكل كبير في كثرة الحوادث. فأصبح من المشاهد سوء تخطيط الطرق خصوصا مع وجود مشروع قطار الرياض ومشروع قطار الحرمين وغيرها من المشاريع. لذا فإني أعتقد أن وزارة النقل تتحمل جزءا من أسباب الحوادث بسبب ضعف معايير السلامة على الطرق خصوصا في ظل كثرة التحويلات وافتقادها أهم مبادئ هندسة الطرق.
أعتقد أن الزيادات غير المبررة والمتواصلة في التأمين على السيارة تعود جزئيا لإخفاق مؤسسة النقد عبر الإدارة العامة للرقابة على شركات التأمين القيام بدورها وحماية المواطنين من جشع شركات التأمين. فإذا كانت شركات التأمين تتعرض لخسائر فادحة، فقد تكون هناك حلول أخرى لا تقتصر فقط على رفع أسعار بوليصة التأمين، وقد تكون الأسباب عديدة لخسائرها منها سوء الإدارة وضعف الأنظمة والقوانين التي تحد من ارتفاع بوليصة التأمين، والأهم من ذلك ضعف التنافسية بين شركات التأمين وهو ما سأتطرق إليه في مقال الأسبوع المقبل.