السعودية والصين .. نصف العالم
يخطئ كثيرا من يقلل من قوة (السعودية)، فهي تمثل مليارا ونصف المليار من المسلمين في العالم، يسكنون من موريتانيا غربا إلى إندونيسيا شرقا وفي بعض الدول الأخرى، ولذا فإن اللقاء الذي تم يوم الثلاثاء الماضي بين الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الصين يمثل لقاء ثلاثة مليارات نسمة، حيث سكان الصين يبلغ تعدادهم نحو مليار و500 مليون نسمة، ما يعني أن الدولتين تمثلان نصف سكان العالم تقريبا، وأن اللقاء اتسم بالندية بين دولتين لهما ثقل عالمي في المجالات السياسية والاقتصادية ولهما تراث حضاري يمتد آلاف السنين.
ومن هذا المنطلق فليس من المستغرب أن توقع- نتيجة لهذه الزيارة- 14 اتفاقية تغطي مجالات عديدة، منها: الطاقة التقليدية، والبحث العلمي، والاستثمارات، والعلوم والتقنية، وكذلك الطاقة المتجددة، والتعاون الاستراتيجي لتنمية الاستثمارات الصناعية والمحتوى المحلي .. والأهم من بين هذه الاتفاقيات مذكرة تفاهم من أجل التعاون النووي ذي الحرارة العالية والمبرد بالغاز، وهي تقنية عالمية تحتاج إليها بلادنا في هذا الوقت بالذات.
وعودة إلى بيان جوانب القوة التي تمثلها (السعودية) نقول إنها لا تقتصر على البترول الذي يعتبر كما هو معروف أكبر منتج ومصدر له، وإنما تشمل الغاز والمعادن الأخرى.. وتملك بلادنا أيضا تعدادا سكانيا مناسبا وشعبا محبا للتعلم والتفوق متمسكا بالدين والأخلاق الفاضلة، مع الأخذ بأسباب الحضارة الحديثة في حدود هذه الضوابط.. وهذا ما يتناسب مع كون هذه البلاد منبع العروبة الأصيلة، ومبعث الدين الإسلامي، وقبلة المسلمين في جميع أنحاء العالم.. ولذا تجد دعوتها إلى التمسك بالدين الإسلامي الصحيح القائم على السماحة ونبذ العنف والتطرف قبولا في جميع أنحاء المعمورة، وعلينا أن نضع خطة لتقديم بلادنا إلى الآخرين عن طريق متحدثين في المساجد والمراكز الإسلامية التي أنشأت بلادنا معظمها في عديد من أهم مدن العالم، وعلينا أيضا إعداد المتحدثين في الإعلام، حيث بعض شرائح المجتمع العربي والإسلامي، ناهيك عن الشعوب الأخرى الذين لا تصلهم الصورة الصحيحة عن بلادنا، وإنما تصلهم بعض الصور المشوهة التي يبثها أعداؤنا.
وأخيرا: يجب ألا نبقى مدافعين فقط، حيث لدينا كثيرا مما نقدمه للآخر، ولدينا من أدوات القوة الكثير، ولنأخذ مثلا أئمة الحرمين، فلهم القبول أينما حلوا حتى في الدول غير الإسلامية، وعالم جليل مثل الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام الذي فاز منذ أيام عن جدارة بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام يمكن أن يقدم الإسلام الصحيح المعتدل المتسامح بأسلوبه الذي يقوم على البحث والدلائل القوية، ومثله معظم أئمة الحرمين وبعض العلماء والدعاة .. أما المتحدثون في الإعلام والسفراء فلا بد من عقد دورات تدريب لإعدادهم ليكونوا على مستوى الأحداث، ولديهم القدرة على الحديث القوي المقنع مثل عدد سنظل نفخر بهم كالأمير سعود الفيصل وعادل الجبير وكذلك عبد الله المعلمي مندوب المملكة لدى الأمم المتحدة، وأثق بأن هناك العشرات من أساتذة الجامعات والسفراء وكتاب الرأي من يستطيعون تقديم صورة واضحة عن بلادنا في المحافل الدولية والإعلام العالمي بجميع قنواته.