السنوات العجاف .. والإرهاب
السنوات العجاف، التي شهدها العالم العربي، أعطت الإرهاب مساحات، ما كان من الممكن أن يحققها، لولا صياغة الفوضى التي شملت عددا من البلدان العربية. ليبيا في أسوأ حالاتها، وكذلك الأمر بالنسبة لسورية، والأمر نفسه في العراق وفي اليمن...إلخ.
هذه الفوضى، استغلتها ميليشيات الإرهاب السنية والشيعية، لتمعن في قتل مسلمين أبرياء في العراق وسورية واليمن وليبيا ومصر... إلخ. ومن الأمور العجيبة أن هذه التيارات العنيفة تتوسل بالدين وتزعم أنها تحارب باسم الله.
لقد كان على العالم أن يأخذ خياراته، من أجل مواجهة هذا الإرهاب، الذي طال أوروبا وأمريكا وأغرق عددا من الدول العربية. فالإرهابي من خلال رؤيته المغرقة في الكراهية والسواد، لم يعد يرى فرقا بين مسلم أو غير مسلم. ولا يميز بين معاهد أو غير معاهد. ولا يعترف بسلطة دينية أو شرعية، وبالتالي فإن الفتاوى من كبار علماء الدين لم تعد تؤثر فيهم.
إن حمامات الدم التي أشاعتها القاعدة ومن بعدها «داعش» في الفترة الماضية، قد أسهمت في تشويه صورة المسلمين. وكانت مبررا لظهور تيارات عنف شيعية بدأت تتمدد في العراق، وتصب حقدها على أهل السنة في العراق وسورية. لقد كشف حصار مضايا في سورية عن الوجه القبيح للتطرف والسواد والحقد والكراهية التي بدأت تتسيد المشهد.
ومن المأمول أن يؤدي استحضار غالبية الطيفين السني والشيعي أنه ليس من مصلحة أي طرف في أن يتغلب الصوت المتطرف على الصوت المعتدل.
إن استحضار المصالح المشتركة بين الطيفين، من شأنه أن يمثل القاعدة التي تعيد التلاقي بين الأطراف التي تهتكت خلال سنوات الخريف العربي.
العالم يواجه حاليا تحديات صعبة، تشمل هذه التحديات قضايا أمنية واقتصادية وسياسية. والتقارير والقراءات تحذر من مزيد من موجات العنف والإرهاب. هذا الأمر يعزز الدعوات لترشيد الخطابات وتهذيبها، بحيث تقدم الصورة الحقيقية لدين التسامح والسلام، ومجتمعات التراحم والتعاضد.