موقف سعودي مشروع .. وتعدٍّ إيراني مشبوه
مارست السعودية حقها السيادي المشروع الذي نص عليه القانون الدولي بتنفيذ حكم الإعدام في 47 إرهابيا ارتكبوا جرائم شنيعة ضد الإنسانية، وقاموا بأعمال التدمير والتفجير وقتل الأبرياء من المواطنين والمقيمين.
إن قيام الحكومة الإيرانية بالاعتراض والاحتجاج على تنفيذ الأحكام التي أصدرها القضاء السعودي العادل، ثم دفع الإرهابيين إلى الاعتداء على السفارة السعودية في طهران وإشعال النيران فيها، يعتبر مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي والدبلوماسية الدولية.
وإزاء هذا العمل المريب من قبل الحكومة الإيرانية، فإن السعودية مارست حقها القانوني بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع دولة اعتدت على قواعد الدبلوماسية الدولية والقانون الدولي.
إن الوجود الفارسي في أربع عواصم عربية: صنعاء وبغداد وبيروت ودمشق، يعتبر انتهاكا صارخا لمبادئ السلم والأمن الدوليين، كما أنه يعتبر تهديدا مباشرا لسيادة واستقلال هذه الدول، كذلك فإن دعم المنشقين للخروج على الشرعية في أي دولة عربية يعتبر خروجا على مبادئ الأمن والسلم الدوليين، وانتهاكا فاضحا وصريحا ضد قوانين المجتمعين الدولي والعربي.
ومن هنا جاءت مبادرة المملكة ودول الخليج بتشكيل عاصفة الحزم للقيام بعمليات عسكرية تستهدف إعادة الشرعية إلى اليمن، وتمنع التجاوزات والتهديدات التي قام بها الحوثيون في اليمن ضد الحدود الدولية للسعودية.
إن دعم إيران للحوثيين ضد الحكومة الشرعية، وكذلك إثارة القلاقل في عواصم أربع دول عربية مع احتلال ثلاث جزر للإمارات (طنب الكبرى والصغرى وأبي موسى) مع مواصلة التهديد المستمر للبحرين والكويت يعتبر تهديدا صريحا وواضحا لسيادة هذه الدول العربية التي يحميها القانون والمجتمع الدولي والعربي، وكذلك تهديد إيران المستمر لدول الخليج بحجة إطلاق اسم الخليج العربي على الخليج الفارسي.
كل هذه المواقف الإيرانية العدائية ضد الأمة العربية يستدعي من الدول العربية اتخاذ كل الوسائل المشروعة لحماية أمنها وسيادتها واستقلالها ضد التهديدات الفارسية السافرة والغاشمة والمستمرة.
إن للعرب تاريخا حضاريا تمتد جذوره إلى آلاف السنين، وهذا الوجود العربي المبكر في الجزيرة العربية والخليج العربي الذي يسبق الوجود الفارسي بآلاف السنين يدحض الزعم الإيراني بأن الخليج فارسي وليس عربيا.
لقد كانت الجزيرة العربية منذ آلاف السنين الوطن الدائم لهذه الشعوب العربية، وهي بمناخها ووضعها الجغرافي كونت البيئة الطبيعية لها، وطبعت بدايات حضاراتها بطابع متماثل، وتأثير البيئة الطبيعية أساسي، خاصة في الفترات الأولى من التكوين الحضاري، وهذه الشعوب كونت الحضارات الأولى في البلاد الخصيبة إلى الشمال، وبقيت لغات من خرج من الجزيرة متماثلة الأصول ومتقاربة، ولم يغب هذا المفهوم عن المفكرين المنصفين عربا وفرسا، فقد أشار المسعودي إلى وحدة الأصول واللغة، حيث أكد أن أمة واحدة سكنت العراق والشام والجزيرة الفراتية والجزيرة العربية، وأن الشعوب الآشورية والبابلية والآرامية والعربية هي "الكلدانية"، وأن لسانها كان واحدا، وأن العربية من أقربها إلى الأصل.
إن كثيرا من القبائل العربية كانت تسكن بلاد الشام قبل الفتح الإسلامي بآلاف السنين، فالكنعانيون هم من جذور عربية، والأنباط من العرب العدنانية الذين هاجروا إلى فلسطين وأطراف الجزيرة منذ سنة 500 قبل الميلاد، وسكنوا حول البحر الميت، والعموريون سكنوا العراق، ومنهم سيدنا إبراهيم الخليل.
هذه الحضارات العربية، وهذا الوجود العربي الواضح في شبه الجزيرة العربية وفي الخليج العربي سبق الوجود الفارسي بمئات السنين بل بآلاف السنين، ولذلك فإن إطلاق اسم الخليج الفارسي على الخليج العربي محض افتراء وكذب وضلال.
يقول الرسول الكريم ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ: إذا ذل العرب ذل الإسلام، وحب العرب إيمان وبغضهم نفاق، وقوله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ: أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي، يقول ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ وهو يعتلي المنبر: أيها الناس إن الرب واحد، والأب واحد، وليست العربية بأحدكم من أب ولا أم، وإنما هي اللسان فمن تكلم بالعربية فهو عربي.
ويقول مؤسس السعودية ورائد وحدتها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن ـــ طيب الله ثراه ــــ: أنا عربي ومن خيار الأسر العربية، ولست متطفلا على الرئاسة والملك، أنا عربي وأحب قومي والتآلف بينهم وتوحيد كلمتهم، ولا أتأخر عن القيام بكل ما فيه المصلحة للعرب وما يوحد أشتاتهم ويجمع كلمتهم، وفي خطاب آخر ألقاه أمام شعبه في مكة المكرمة قال: إنني على استعداد لأن أكون كجندي بسيط أجاهد في سبيل العرب وتوحيد كلمة العرب وتأسيس الوحدة بين العرب.
إن الوحدة بين العرب ليست تصورا بلا شرعية تاريخية، ولسنا أمة بلا تاريخ، ولسنا مجتمعا بلا حضارة، ولسنا نبتا حديثا يتسول على الأمم الأخرى، وإنما نحن أمة ذات حضارات، وآخرها الحضارة الإسلامية العريقة التي تتلمذت عليها حضارات قديمة وحديثة ومنها الحضارة الفارسية.
إن الممارسات الإيرانية العدوانية ضد السعودية يجب أن تتوقف، ويجب على الدول العربية جمعاء أن تتوحد وتتضامن، وتقف مع المملكة ضد التطاول الإيراني الذي طال ـــ حتى الآن ـــ أربع عواصم عربية.. إننا نطالب جامعة الدول العربية بعقد اجتماع طارئ وعاجل لمناقشة الوجود الإيراني في أربع عواصم عربية، وننتظر من المجلس الوزاري العربي أن يتخذ قرارا عربيا صارما بوقف الانتهاكات الإيرانية، وإخراج إيران من العواصم والأراضي العربية، والتنديد بممارساتها الاستفزازية ضد الدول العربية المستقلة.