متى يتنافس العملاء على تحقيق مصلحة الشركة؟
ولت الأيام التي كانت الشركات تنظر فيها إلى الابتكار كعملية خارجية، وتبنيه يعد اختياريا. كما يناقش كتابي القادم "اجعل الابتكار مستديما"، وتحتاج الشركات إلى النمو بشكل مستمر من أجل الحفاظ على بقائها على المدى الطويل، ما يفرض على محركات الابتكار في الشركة أن تعمل بشكل متواصل وبجميع الأوقات.
يتغذى محرك الابتكار على الأفكار المتميزة، ولكن من النادر أن تظهر الأفكار المبتكرة والمكتملة والقابلة للتنفيذ من تلقاء نفسها. ففي معظم الحالات، يجب توليد مئات الأفكار والتدقيق فيها للوصول للفكرة الأنسب. هذه هي اللعبة التي تفضلها الشركات التي لديها مصادر وفيرة وانتقائية للاستفادة منها ــــ شريطة أن يكون لديها مهارات البحث والانتقاء، التي من شأنها أن تساعد على اختيار أفضل الأفكار وبسرعة. وهذا ينطبق بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالأفكار الجماعية، وهو تقليد يعتمده كثير من الشركات ـــ مثل ديل، آي بي إم، وبروكتر آند جامبل، وستاربكس.
تستند الأفكار الجماعية إلى فرضية أن العملاء قادرون على طرح أفكار تضاهي بتميزها أفكار مصممين من ذوي الخبرة بشركة معروفة بمجال الابتكار مثل آر آند جي. وهناك عديد من البحوث التي تدعم هذه الفرضية.
وجدت دراسة 2012 أن المنتجات، التي جاءت بمبادرة من المستخدمين وأطلقت من خلال قسم الأثاث بشركة موجي اليابانية للسلع الاستهلاكية، قد نجحت أكثر بثلاثة أضعاف من المنتجات، التي قام بتصميمها المصممون، من حيث إيرادات المبيعات في السنة الأولى، وأربع مرات أكثر من حيث الهوامش الإجمالية. وعلاوة على ذلك، خلص الباحثون إلى أن الفجوة بالأداء زادت مع مرور الوقت.
ومع ذلك، نتائج شركة موجي تنذر بالخطر. فعلى الرغم من أن العملاء أعطوا أفكارا رائجة، لكن فرص نجاحها أقل بكثير، حيث بلغ معدل الأفكار المقدمة من قبل مصممي الشركة عشرة فقط لكل موضوع، في حين بلغ عدد الأفكار الجماعية 400 فكرة لكل موضوع على أقل تقدير. ويعتبر ذلك خطرا محتملا، كما أظهرت أبحاث سابقة لكلية إنسياد أن الشركات التي تسعى لإيجاد أفكار مبتكرة من خلال طريقة التفكير الجماعي، قد تصاب بالشلل بسبب الحجم الكبير للأفكار المقترحة. فليس جميع العملاء على نفس الدرجة من الإبداع، ومن المرجح أنه على الشركات في خضم سعيها للنجاح، الاختيار من هذه الأفكار بناء على المقاييس الأساسية للابتكار.
كيفية صياغة المشكلة: يتعين على الشركات صياغة المشكلة بشكل مبهم إلى حد ما عندما تمتلك القدرة على ذلك. أظهرت إحدى الدراسات في نموذج تحليلي، أن المشاركين يميلون إلى التركيز على الحلول الواعدة وعدم النظر في جميع الخيارات الممكنة عندما تطرح الشركة مشكلة محددة للغاية. وعلى عكس ذلك، عدم تحديد المشكلة يحفز على حلول أكثر تنوعا للمشكلة.
عدد العملاء المشاركين في المسابقة: بحسب دراسات حالية مختلفة، في إمكاننا القول إن زيادة عدد المشاركين يفرض تنوعا في الحلول المقترحة، بسبب تنوع المناهج التي يستخدمونها لحل هذه المشكلة. وهذا التنوع في الحلول المقترحة، يزيد فرص إيجاد حلول جيدة. ومع ذلك، عندما يكون عدد المشاركين في مسابقة الابتكار كبيرا جدا، ستقل فرص فوز المشاركين، وبالتالي لا يبذلون جهدا كبيرا في إعطاء حل لهذه المشكلة.