الحدائق العامة .. وأمانات المدن
مررت صباحا بإحدى الحدائق الجديدة في مدينة جدة وكان الطقس جميلا والحديقة مجهزة بألعاب حديثة للأطفال والأرض فرشت بعناية بعشب اصطناعي من النوعية المميزة.
ومن يعرفني شخصيا يعلم مدى كرهي ليس فقط للتخلص من النفايات، بل حتى من شعر الرأس على الأرض! وكعادة أغلب المرافق العامة في جدة "مع الأسف" افترشت أرض الحديقة بشكل لافت أعقاب السجائر وقشور "الفصفص". وكعادتي أنا التقطت مقاطع فيديو وصورا وتحدثت حول الموضوع في سناب شات. ولأول مرة أشعر فعلا بعجزي عن تغيير أبسط الأمور مثل النظافة العامة في مدينتي.
أولا، لاحظت أن حاويات النفايات المنتشرة في الحديقة لا تحوي أكياسا خاصة، ما يجعل تنظيفها بشكل صحي أمرا صعبا. ثانيا، لفتني هدر مياه الري الأوتوماتيكية التي كانت تغرق جهة واحدة من منطقة العشب الطبيعي تاركة الجانب الآخر يابسا متشققا من انعدام الري. ثالثا، رأيت عامل النظافة يجمع النفايات من الحاوية فسألته عن سبب عدم تلبيسها بأكياس بلاستيكية ففوجئت بأنه لا يتحدث أي لغة أعرفها سوى لغة الإشارة فابتسم المسكين بسذاجة ولم يفهم مقصدي.
ما المشاكل المترتبة على رمي النفايات في الأماكن العامة مثل الطرق والحدائق وغيرها؟
- تلوث الهواء والتربة والمياه.
- المنظر السيئ للمدينة.
- الروائح الكريهة.
- انتقال الأمراض.
- تخريب الممتلكات العامة.
- عبث الإنسان والحيوانات في المخلفات.
- سهولة إخفاء مواد ضارة داخل المخلفات.
هناك حاجة ماسة ليس فقط إلى التوعية ولكن إلى إدارة المنشآت والمرافق العامة بشكل احترافي، وحيث إن الدولة تتجه لخفض النفقات العامة من خلال برنامج التحول الوطني فإن خصخصة إدارة الحدائق قد تكون حلا مناسبا. ويتحدث كثيرون عن غرامة رمي النفايات أسوة بالدول الأخرى التي لم تطبق في السعودية بعد، ومنها:
- في الولايات المتحدة تطبق الولايات عقوبات مالية متفاوتة تبدأ من 75 دولارا وتصل إلى أكثر من خمسة آلاف دولار أمريكي. في إمارة دبي تصل الغرامة إلى 1500 درهم لرمي النفايات وفي سنغافورة تصل إلى عشرة آلاف دولار سنغافوري.
- الجزاءات المدنية مثل أداء خدمات مجتمعية تحت إشراف الدائرة الحكومية المختصة.
- التعويضات المالية لقاء الأضرار والتخريب الناتج عن النفايات.
حاليا تقع مسؤولية إدارة الحدائق تحت إشراف الأمانات المحلية ومع الأسف لم تثبت أمانة مدينة جدة - على الأقل - جدارتها في الإدارة والصيانة لهذه المرافق على مدى سنوات عديدة.
وهنا أستعرض بعض الحلول العملية التي يمكن مناقشتها من خلال المجلس البلدي مع ضرورة الإسراع في التطبيق.
- تعيين "حارس نظافة ونظام" واحد على الأقل لكل حديقة، يحق له تصوير لوحة السيارة الخاصة بأصحاب المخالفة والإبلاغ عنها.
- رحلات ميدانية لطلاب وطالبات المدارس إلى الحدائق والمرافق العامة لتنظيف أنواع المخلفات.
- تشجيع ومكافأة أعمال التنظيف التطوعية بنظام نقاط المكافأة المجتمعية التي يتم من خلالها الحصول على مميزات بالتعاون مع مؤسسات القطاعين الخاص والعام.
- توفير أكياس بلاستيكية خاصة للنفايات تعطى للزائرين عند الدخول لتقطع عليهم حجة انعدام البديل.
في الجزء اللاحق سأتحدث عن بعض الحلول المالية التي يمكن أن تساعد على تطبيق إدارة الحدائق والمتنزهات بشكل فاعل أسوة بتجارب الدول الأخرى.