رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ميزانية الإصلاح .. والتحول الوطني

تصدر ميزانية الدولة التقديرية لهذا العام المالي والحكومة توشك أن تضع مؤشر الأداء الحكومي K P I موضع التنفيذ، وهذا المؤشر سوف يؤثر إيجابا في معدلات الأداء الحكومي وتنفيذ مشاريع الدولة المعتمدة في الميزانية، وتجدر الإشارة إلى أن تطبيق مؤشر K P I يتزامن مع مشروع التحول الوطني "المملكة 2020" الذي سوف يُعْنَى بأداء المؤسسات الحكومية حتى تصل إلى مستوى الحكم الرشيد، وهو المستوى الذي يُلزم مؤسسات الدولة بالآجال والتوقيتات المحددة لتنفيذ المشاريع، أي ترجمة أرقام الميزانية إلى مشاريع وبرامج ماثلة على الأرض، كذلك يتضمن مشروع التحول الوطني القضاء على الفساد ومتابعة أداء الوزراء ومعاونيهم ومحاسبتهم على مستوى أدائهم وظائفهم والالتزام بتنفيذ المشاريع المعتمدة في ميزانية الدولة.
إن ميزانية هذا العام تصدر ومنطقتنا تمر بظروف عصيبة، مع استمرار انخفاض أسعار البترول، ولكن ــ مع هذا ــ تعتبر ميزانية عام 2016 بمثابة خطة للإصلاح والترشيد وتنويع مصادر الدخل، مع الاستمرار في تخصيص بنود الميزانية للصرف على مشاريع التنمية والتعمير، جنبا إلى جنب مع تخصيص كل ما يلزم لدعم قواتنا المسلحة في نضالها المشرف من أجل الدفاع عن حدود الوطن.
ومع أن الإدارة السعودية حققت أشواطا إيجابية باتجاه تنفيذ بعض المشاريع النائمة إلا أن عديدا من المشاريع المعتمدة في ميزانية العام الماضي تعثر تنفيذها بسبب ترهلات إدارية في بعض قنوات المؤسسات الحكومية التي ما زالت تورط نفسها في تعقيدات الإجراءات الروتينية التقليدية، كما أن عجز كثير من المؤسسات عن تحقيق تقدم ملحوظ في مشاريع الحكومة الإلكترونية تسبب في بطء تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية. وفي بيانها السنوي لميزانية الدولة التقديرية 2016 وضعت وزارة المالية 14 محورا للإصلاح يجدر أن نستعرضها فيما يلي :
1ــ إنشاء وحدة للمالية العامة في وزارة المالية وتكليفها بالعمل على تحديد سقف للميزانية العامة، بهدف تحقيق مزيد من التخطيط المالي، بالاعتماد على وضع إطار متوسط الأجل (ثلاث سنوات)، والالتزام التام به. 2ــ مراجعة وتطوير سياسات وإجراءات إعداد الميزانية العامة للدولة وتنفيذها، بدءا من عام 2016، وتطبيق معايير الإفصاح والتخطيط للميزانية وفق أفضل الممارسات الدولية. 3ــ رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي، بمراجعة المشروعات الحكومية ونطاقها وأولوياتها، بهدف مراعاة جودة وكفاءة التنفيذ من جهة، وتوافقها مع أولويات وتوجهات واحتياجات التنمية، والمتطلبات المالية والتمويلية من جهة أخرى. 4ــ رفع كفاءة الإنفاق التشغيلي للدولة، بما يتضمنه من ترشيد لنفقات الأجهزة الحكومية، والاستخدام الأمثل للتقنية في تقديم الخدمات الحكومية، وتطوير وتفعيل آليات الرقابة. 5ــ العمل على الحد من تنامي المصروفات الجارية. 6ــ الانتهاء من تحديث نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، ومراعاته أفضل الممارسات الدولية. 7ــ تحسين منهج وآليات إدارة أصول الدولة. 8ــ تطوير أهداف وأدوات السياسة المالية، بما في ذلك تحديد قواعد تتسق مع معايير الشفافية والرقابة والحكمة، وتراعي الأهداف والتوجهات الاقتصادية والتنموية على المدى القصير والمتوسط والبعيد. 9ــ‌اتخاذ مجموعة من السياسات والإجراءات الجادة الهادفة إلى تحقيق إصلاحات هيكلية واسعة في الاقتصاد الوطني، وتقليل اعتماده على البترول، تتضمن تلك الإجراءات المزمع تنفيذها خلال الأعوام الخمسة المقبلة بدءا من عام 2016، طرح مجموعة من القطاعات والنشاطات الاقتصادية للخصخصة، وتذليل العقبات التشريعية والتنظيمية والبيروقراطية أمام القطاع الخاص، وإصلاح وتطوير الأداء الحكومي، وتحسين مستويات الشفافية والمحاسبة، وتعزيز بيئة الاستثمار بما يسهم في إيجاد فرص عمل جديدة في القطاع الخاص ويوفر فرصا للشراكة بين القطاعات المختلفة، العامة، والخاصة، وغير الربحية، ورفع القدرات التنافسية للاقتصاد الوطني وتكامله مع الاقتصاد العالمي. 10ــ إعطاء الأولوية للاستثمار في المشروعات والبرامج التنموية التي تخدم المواطن بشكل مباشر كقطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه والصرف الصحي والكهرباء، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي، وكل ما يكفل تحسين نمط الحياة اليومية للمواطن "معالجة جادة للفجوة التنموية". 11ــ مراجعة وتقييم الدعم الحكومي، الذي يشمل تعديل منظومة دعم المنتجات البترولية والمياه والكهرباء وإعادة تسعيرها، ومراعاة التدرج في التنفيذ خلال الأعوام الخمسة المقبلة، بهدف تحقيق الكفاءة في استخدام الطاقة، والمحافظة على الموارد الطبيعية، ووقف الهدر والاستخدام غير الرشيد، والتقليل من الآثار السلبية في المواطنين متوسطي ومحدودي الدخل، وتنافسية قطاع الأعمال. 12ــ مراجعة مستويات الرسوم والغرامات الحالية، واستحداث رسوم جديدة، واستكمال الترتيبات اللازمة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة التي أقرها المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورته الأخيرة في الرياض، إضافة إلى تطبيق رسوم إضافية على المشروبات الغازية والسلع الضارة كالتبغ ونحوها. 13ــ تطوير وحدة إدارة الدين العام في وزارة المالية، التي تعنى بتطوير استراتيجية الدين العام، ومصادر وسبل تمويله لتعزيز قدرة المملكة على الاقتراض محليا ودوليا، بما يسهم في تعميق سوق الصكوك والسندات المحلية. 14ــ تحسين مستوى التواصل والتنسيق بين الجهات والأطراف المعنية بتنفيذ الإصلاحات المالية، وتوحيد التوجهات والرؤى وفق مبدأ الشفافية والمساءلة والنزاهة.
في ضوء هذه الإصلاحات الجريئة، فإننا نستطيع القول إن ميزانية 2016 مقدمة لإصلاحات إدارية ومالية هدفها ترشيد الإنفاق وتقنينه وتحقيق مبدأ تنويع مصادر الدخل، بمعنى أن الميزانية خطة حافلة بكثير من مشاريع التنمية والترشيد، ونتمنى من كل مواطن في أي موقع أن يسهم ـ ولو بجهد المقل ـ في بناء وإعمار هذا الوطن الغالي على الجميع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي